ورواه الإمام ابن قدامة في إثبات صفة العلو رقم ((٣١)) وذكر في نهايته قول الحافظ أبو الفضل بن ناصر ـ رحمه الله ـ اتفق أئمة الحديث على صحة هذا الحديث وثبوته. وذكر الإمام ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص٩٨ أن قصة الإسراء والمعراج متواترة، وقد أفردها بعض العلماء بالتأليف كما فعل السيوطي في كتابه ((الآية الكبرى في المعراج والإسراء)) ، وجمع الإمام ابن كثير ـ رحمه الله ـ طرق هذا الحديث في تفسير سورة الإسراء، ومنها الصحيح والحسن والضعيف. انظر تفسير القرآن العظيم ٥/٤-٣٩. اما مسألة الإسراء فقد حصل الخلاف فيها هل كان بالروح فقط، أم بالروح والبدن جميعاً، وهل كان ذلك يقظة أم مناماً؟ . إلا أن الحق في ذلك ما عليه جمهور علماء الأمة وأئمتها من أن الإسراء كان بالروح والبدن جميعاً، يقظة لا مناماً، واستدلوا لذلك بما يلي: ١ ـ أن الله تعالى قال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} الإسراء/١، والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح، كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح، هذا هو المعروف عند الإطلاق، وهو الصحيح، فيكون الإسراء بهذا المجموع. ٢ ـ أن ذلك جائز عقلاً، إذ لو جاز إستبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة، وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر. ٣ ـ أن التسبيح في قوله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى} الآية، إنما يكون عند الأمور العظام، ولو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيئ ولم يكن مستعظماً، ولما بادرت قريش إلى تكذيبه، ولما ارتد جماعة ممن كان أسلم. ٤ ـ أنه صلى الله عليه وسلم حمل على البراق، وهو دابة، وإنما يكون هذا للبدن لا للروح، لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه. انظر شرح الطحاوية ١/٢٧٠، وتفسير ابن كثير ٥/٤٠-٤١، وزاد المعاد ٣/٤٠٤٢. أما قول المصنف ـ رحمه الله ـ: إن من قال إنه منام فقد كفر، فإنه وإن كان القول بأن الإسراء كان مناماً فيه مخالفة بيّنه وتكذيب واضح للأخبار التي رويت في الإسراء، فإن القول بتكفير قائله فيه نظر، لأنه لا يعدو كونه متأولاً مخطئاً، وإن كان خطؤه شنيعاً، ولذلك ذكر هذا القول الإمام الطبري في تفسيره، وتعقبه بالإنكار والتشنيع، لأن هذا خلاف سياق الأدلة من الكتاب والسنة، إلا أنه لم يُكَفّر أصحابه، ولم أجد من كفرهم سوى المصنف ـ رحمه الله ـ. راجع تفسير الطبري ١٥/١٧.