للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

........................................................


قلت: جميع الروايات السابقة مختلفة ألفاظها، ففي حديث ابن عمر " ما بين عدن وعمان "، وفي رواية أخرى لابن عمر عند البخاري رقم ((٦٥٧٧)) : " كما بين جَرْباء وأذرُح ".
وفي حديث عبد الله بن عمرو " حوضي مسيرة شهر "، وفي حديث أبي ذر " ما بين عَمّان إلى أيله " إلى آخر الألفاظ الواردة.
قال القاضي عياض موضحاً أن هذا الاختلاف لا يدل على التعارض أو الإضطراب: " هذا من اختلاف التقدير لأن ذلك لم يقع في حديث واحد فيعد اضطراباً من الرواة، وإنما جاء في أحاديث مختلفة عن غير واحد من الصحابة سمعوه في مواطن مختلفة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يضرب في كل منها مثلاً لبعد أقطار الحوض وسعته بما يسنح له من العبارات، ويقرب ذلك للعلم ببعد ما بين البلاد النائية بعضها من بعض، لا على إرادة المسافة المحققة، قال: فبهذا يجمع بين الألفاظ المختلفة من جهة المعنى ".
انظر: فتح الباري ١١/٤٧١.
وقال القرطبي: ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة، مخاطباً لك طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها، فيقول لأهل الشام: ما بين أذرح وجربا، ولأهل اليمن من صنعاء إلى عدن، وهكذا. وتارة أخرى يقدر بالزمان فيقول: مسيرة شهر، والمعنى المقصود: أنه حوض كبير متسع الجوانب والزوايا، فكان ذلك بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله أعلم. التذكرة ص٣٦٤.

<<  <   >  >>