للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ما هذا؟ فقال: من الله العلم، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم، أمِرّوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاءت. وفي رواية " فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروها "١.


١ قول الزهري رواه أبو نعيم في الحلية ٣/٣٦٩، والذهبي في السير ٥/٣٤٦، كلاهما بدون رواية: " فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمروها "، وذكره بمعناه النووي في شرح مسلم ٢/٤٢.
وقول الزهري هذا هو أحد الأوجه التي قيلت في معنى الحديث والتي ذكرها الإمام النووي فقال: هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قال المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيئ ويراد نفي كماله، ومخناره كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة، وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا. . الخ. . ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم: " فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن فعل شيئاً من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارته، ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله تعالى، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه ".
فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك، بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان، إن تابوا سقطت عقوبتهم، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة، فإن شاء الله عفا عنهم وأدخلهم الجنة أولاً، وإن شاء عذبهم ثم أدخلهم الجنة ... وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلاً له مع علمه بورود الشرع بتحريمه.
وقال الحسن وأبو جعفر الطبري: معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المؤمنين، ويستحق اسم الذم، فيقال: سارق وزان وفاجر وفاسق.
وحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه: ينزع منه نور الإيمان، وفيه حديث مرفوع.
وقال المهلب: ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعال. انتهى. شرح صحيح مسلم ٢/٤١-٤٢.
ثم أورد قول الزهري المذكور آنفاً بمعناه وقال بعد ذلك: وهذه الأقوال التي ذكرتها في تأويله محتملة، والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولا. والله أعلم. نفس المصدر ص٤٢.

<<  <   >  >>