للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الوقوف أمام البدع واجب ضروري]

لنكن صفاً واحداً في وجه البدع، فالدعوة أمر واجب، والوقوف في مواجهة المبتدعين في هذا البلد وفي غيره أولى من الوقوف في وجه اليهود، فهؤلاء اليهود أنت تعرفهم، وهؤلاء المبتدعة يقولون: قال الله وقال رسوله ويلبسون على الخلق، فهم أخطر على البلد من اليهود، والصوفية يعتقدون شيئاً خطيراً يقولون: لا فائدة من العمل، وقد تبين مقعده من الجنة ومقعده من النار.

إذاً: نحن لا قيمة لأعمالنا، وقد جاء في الحديث الصحيح: (أن الله لما خلق آدم مسح على ظهره؛ فأخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، قال: هؤلاء إلى الجنة برحمتي، وهؤلاء إلى النار بعدلي) يقولون: إن الله قبض القبضة وقضى هؤلاء إلى الجنة وهؤلاء إلى النار انتهى الأمر وأراني من أهل السعادة، ويقولون: الآن لا فائدة من العمل.

يجلسون يشربون الحشيش ويسمرون عليها ويرقصون طوال الليل، أحد أهل البدع قال: -وحدثنا عنهم شخص منهم- يقول: من قال: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين غفرت ذنوبه، وإن ترك الصلاة، حتى تبعه أناس كثيرون، فهذا الرجل يريد أن يدخل الجنة بالمجان، وهو جالس لا يتصدق ولا يقوم الليل، لماذا لا تصلي؟ سوف يدخل الجنة، هذه الدعوة قابلت نفوساً خبيثة فاستقرت على الخبث.

يا جماعة! الرجل أراد الولد ولم يتزوج، يقول هو: سوف نخلف أبناءً هكذا، قالوا: هو لم يكن يتصور أن يأتي إلا بامرأة؟ لا، لو أن الله تعالى قدر له الولد سيعطيه الولد من غير امرأة، هي نفس دعوى: لو أن الله سبحانه وتعالى قدر عليه دخول الجنة سوف يدخلها بلا عمل، فلماذا يأكل إذاً؟ لو أن ربنا كتب له الحياة فإنه سوف يعيش من غير أكل! هل سوف يعيش؟ لماذا يأكل إذن؟ هذه هي الصورة نفسها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي بن أبي طالب والحديث في الصحيحين: (ما من نفس منفوسة إلا كتب مقعدها من الجنة ومقعدها من النار) قال رجل في بعض الروايات عن سراقة بن مالك: (قالوا: أفنترك العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، ثم تلا هذه الآيات -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:٥-١٠] ) .

التيسير لليسرى للمسلم إعطاء وتقوى وعمل، وهذا سبب يبذل، (فأما من أعطى واتقى) اسمع الكلام.

فكل شيء يؤدي إلى الجنة لا بد له من عمل، والصحابة فهموا ذلك كما قال سراقة بن مالك بعدما سمع الكلام من الرسول صلى الله عليه وسلم: (فلا أجدني أشد عملاً مني الآن) الآن الجماهير عندما تسمع هذه الآيات تركن، لماذا خالفوا الصحابة؟ لأنهم لا يحفظون كتاب الله.

والإيمان بالقضاء والقدر لا بد أن يكون مجملاً، والتفصيل فيه يضل العبد على طول؛ لأن حكمة الله لا تستطيع أن تصل إلى فهمها، ولا تعرف لماذا أشقى الله العلماء وعذبهم وأراح الأشقياء الكفرة؟ الذي يدل على الله أولى الناس بالسعادة، وأولى الناس بأن تكون الدنيا تحت قدمه.

فما باله شقى.

ومن الدليل على القضاء وحكمه بئوس التقي وخدعة الأحمق هذا من الدليل على القضاء، حار اللبيب في القضاء والقدر، لذلك لا يكون القضاء والقدر إلا مجملاً، إياك أن تفصل، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا ذكر القدر فأمسكوا) لأنك لا تستطيع أن تصل إلى حل.

فهؤلاء الذين يعترضون على الله يقولون: إذا كان الله كتب عليَّ المعصية فلماذا يعذبني؟ ما معنى هذا الكلام؟ معناه أن الله ظالم! ويجري هذا الفكر على ألسنة الجماهير، بسبب واحد خبيث لا يعمل ولا يعبد الله ومنحرف عن السنن، يقاوم أهل السنة في بلده، ويرى نفسه آمناً مطمئناً إطلاقاً لا يتصور أنه ممكن يقبض عليه أبداً.

لا بد من مقاومة البدع، وأن نعلم الناس السنن؛ حتى يقفوا في وجه المبتدعة، إننا خربنا كثيراً جداً في ديننا، الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقاومون البدعة ولو كانت أدق من سن الإبرة بكل علم، وهناك أحاديث كثيرة تدل على ذلك، مثل قصة عبد الله بن مسعود عندما أنكر على الذين يسبحون بالحصى وغيرها.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>