الصحابة رضوان الله عليهم ما اختلفوا قط في خبر فيه صفة أو اسم لله تعالى، وإنما اختلفوا في الأحكام الشرعية، في الحلال والحرام، اختلفوا كثيراً كثيراً، أبو هريرة رضي الله عنه اختلف مع ابن عباس في الوضوء مما مست النار؛ لأن أبا هريرة كان يروي الحديث الصحيح الذي نسخ فيما بعد:(توضئوا مما مست النار) .
لما تشرب الشاي تتوضأ، لما تأكل أي شيء مما مسته النار تتوضأ، هذا كان أولاً ثم نسخ بعد ذلك.
فـ ابن عباس رضي الله عنه جمعه مجلس مع أبي هريرة -وهذا الحديث في سنن الترمذي - فسمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار) ، فقال: يا أبا هريرة! أتوضأ من طعام أجده في كتاب الله حلالاً؟! يعني: آكل اللحمة غير مطبوخة؟ هذا حلال، يا أبا هريرة! أفلا نتوضأ من الحميم؟ يعني: حتى ولو نغتسل بماء حار، فيحتاج إلى أن نغتسل مرة أخرى بماء بارد؛ لأن الماء الحار مسته النار.
فما كان من أبي هريرة إلا أن قبض حصى ملء كفه وقال: أشهد عدد هذا الحصى أنني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (توضئوا مما مست النار) يا بن أخي! إذا حدثتك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً فلا تضرب له الأمثال.
هو هذا الأدب، اختلفوا في مسألة فقهية كهذه.
اختلفوا في عدة المتوفى عنها زوجها، اختلفوا في الطاعون، اختلفوا في قضاء الوتر بعد صلاة الفجر، عشرات الأحكام الفقهية اختلفوا فيها، لكن هل اختلفوا في خبر فيه صفة لله تبارك وتعالى؟ أبداً، لا يمكن أن تجد هذا، معنى هذا الكلام أنهم سلموا بذلك.