للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ «ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَسْجُدُ فَيُمَكِّنُ وَجْهَهُ» . قَالَ هَمَّامٌ وَرُبَّمَا قَالَ «جَبْهَتَهُ مِنَ الأَرْضِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَتَسْتَرْخِيَ ثُمَّ يُكَبِّرُ فَيَسْتَوِي قَاعِدًا عَلَى مَقْعَدِهِ وَيُقِيمُ صُلْبَهُ» . فَوَصَفَ الصَّلاَةَ هَكَذَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى فَرَغَ «لاَ تَتِمُّ صَلاَةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يَفْعَلَ ذَلِكَ " (١) .

الحديث الثاني:

عن ابن عباس –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:"المَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ سُنَّةٌ " (٢) .

وجه التعارض:

إن من يقرأ الأحاديث الأُول يجدها تدل على الوجوب، وذلك أن حديث "من توضأ فليستنثر" ورد بصيغة الأمر؛ والأمر يقتضي الوجوب.

وحديث "المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه" نص على أن المضمضة والاستنشاق من الوضوء فهي داخلة فيه، وكائنة من أفعاله.

وحديث "أمرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بالمضمضة والاستنشاق" فيه لفظ الأمر، والأمر يقتضي الوجوب، فدلت هذه الأحاديث على أن هذه الأفعال واجبة من واجبات الوضوء.

وأما الأحاديث الأخيرة فمن ظاهرها تدل على أن هذه الأفعال من السنن والمندوبات لا من الواجبات، وذلك أن حديث "إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل" استدل به على أن الواجب في الوضوء ما أمر الله به، والله أمر بغسل الوجه واليدين ومسح الرأس وغسل الرجلين كما نصت عليه الآية " يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.." (٣) وليس في الآية أمر بالمضمضة ولا الاستنشاق ولا الاستنثار، فهذه الأمور الثلاثة سنة لا واجب.


(١) تقدم تخريجه ص ٨٢
(٢) أخرجه الدارقطني (١/٨٥) و (١/١٠١) ،قال ابن الجوزي: هذا لا يصح (التحقيق١/٨٦) ، قلت: الحديث شديد الضعف.
(٣) الآية ٦ من سورة المائدة.

<<  <   >  >>