للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحديث "المضمضة والاستنشاق سنة" صريح في أنها ليست واجبة وإنما هي مندوبة، فهذا وجه تعارض هذه الأحاديث، وقد وجه العلماء هذا التعارض ودرؤوه.

أقوال العلماء في درء التعارض:

١- ذهب ابن الجوزي إلى دفع التعارض بالترجيح، فرجح أحاديث الإيجاب وقواها، وضعف حديث "المضمضة والاستنشاق سنة" (١) .

٢- ذهب النووي إلى الندب، وعلى ذلك حمل الأمر، فقال في شرحه لحديث "من توضأ فليستنثر"، وكذلك ما في معناه من الأحاديث: "فيه دلالة لمذهب من يقول الاستنشاق واجب لمطلق الأمر، ومن لم يوجبه حمل الأمر على الندب بدليل أن المأمور به حقيقة هو الانتثار وليس بواجب بالاتفاق (٢) فإن قالوا: ففي الرواية الأخرى "إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر" (٣) فهذا فيه دلالة ظاهرة للوجوب، لكن حمله على الندب محتمل ليجمع بينه وبين الأدلة الدالة على الاستحباب. والله أعلم. (٤)


(١) التحقيق ١/٨٢-٨٦.
(٢) دعوى الاتفاق مردودة، فإن ابن المنذر رجح الوجوب محتجا بقوله صلى الله عليه وسلم"إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر" قال: أو مرة على الفرض، وأحق الناس بهذا القول أصحابنا لأنهم يرون الأمر فرضا. الأوسط ١/٣٨٠.
(٣) رواه مسلم ٣/١٢٦.
(٤) شرح النووي لمسلم ٣/١٢٦.

<<  <   >  >>