للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣- قال ابن حجر في تعليقه على الحديث الأول " من توضأ فليستنثر":ظاهر الأمر انه للوجوب، فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر به، كأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور وابن المنذر (١) ؛ أن يقول به في الاستنثار، وظاهر كلام صاحب المغني يقتضي أنهم يقولون بذلك، وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار، وصرح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوب الاستنثار، وفيه تعقب على من نقل الإجماع على عدم وجوبه. ... واستدل الجمهور على أن الأمر فيه للندب بما حسنه الترمذي وصححه الحاكم من قوله -صلى الله عليه وسلم- للأعرابي: " توضأ كما أمرك الله " (٢) فأحاله على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق. وأجيب بأنه يحتمل أن يراد بالأمر ما هو أعم من آية الوضوء، فقد أمر الله سبحانه باتباع نبيه -صلى الله عليه وسلم- وهو المبين عن الله أمره، ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه عليه الصلاة والسلام على سبيل الاستقصاء أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة، وهو يرد على من لم يوجب المضمضة أيضا، وقد ثبت الأمر بها أيضا في سنن أبي داود بإسناد صحيح (٣) ، وذكر ابن المنذر أن الشافعي لم يحتج على عدم وجوب الاستنشاق مع صحة الأمر به إلا لكونه لا يعلم خلافا في أن تاركه لا يعيد، وهذا دليل قوي، فإنه لا يحفظ ذلك عن أحد من الصحابة ولا التابعين إلا عن عطاء، وثبت عنه أنه رجع عن إيجاب الإعادة، ذكره كله ابن المنذر" (٤) .

٤- رجح المباركفوري أحاديث الإيجاب لثبوت الأمر بذلك، ومن ترك شيئا منها أعاد الوضوء والغسل، وهذا مذهب ابن أبي ليلى وابن المبارك وأحمد وإسحاق، واستدلوا بحديث سلمة بن قيس وغيره مما في معناه.

قال المباركفوري: " وقولهم هو الراجح لثبوت الأمر بهما، والأصل في الأمر الوجوب مع ثبوت مواظبته –صلى الله عليه وسلم- عليهما".


(١) الأوسط ١/٣٧٥-٣٨٠.
(٢) سبق تخريجه ص
(٣) ١/٣٦.
(٤) فتح الباري ١/٢٦٢.

<<  <   >  >>