للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورد على قول من قال: بأنهما سنتان مفنداً كل دليل فقال:" واستدلوا على عدم الوجوب في الوضوء بحديث" عشر من سنن المرسلين"، وقد رده الحافظ في التلخيص، وقال: إنه لم يرد بلفظ عشر من السنن، بل بلفظ من الفطرة، ولو ورد لم ينتهض دليلا على عدم الوجوب، لأن المراد به السنة أي الطريقة؛ لا السنة بالمعنى الاصطلاحي الأصولي، واستدلوا أيضاً بحديث ابن عباس مرفوعاً بلفظ:" المضمضة والاستنشاق سنة" رواه الدارقطني.

قال الحافظ: وهو حديث ضعيف.

واستدلوا أيضاً بما رواه الترمذي وحسنه وصححه الحاكم من قوله –صلى الله عليه وسلم- للأعرابي: "توضأ كما أمرك الله"، فأحاله على الآية وليس فيها ذكر المضمضة والاستنشاق والاستنثار.

ورد بأن الأمر بغسل الوجه أمر بهما، وبأن وجوبها ثبت بأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والأمر منه أمر من الله تعالى بدليل " وما آتاكم الرسول فخذوه" (١) .

قلت:

إذا أنعمنا النظر وجدنا أن من رجح أحاديث إيجاب المضمضة والاستنشاق والاستنثار أقرب للصواب، وذلك لأمور:

١- أن أحاديثهم جاءت صريحة، منها الصحيح، ومنها الحسن، فحديث أبي هريرة ورد فيه" فليستنثر"، وهذا أمر والأصل في الأمر الوجوب ما لم يصرفه عنه صارف، وليس ثمة صارف صحيح وصريح.

٢- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- واظب عليها، كما نقل ذلك عنه كل مستقص لوضوئه.

٣- أن ما أمر به رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يعد مما أمر الله به، بدليل قوله تعالى:" وما آتاكم الرسول فخذوه" (٢) .

لذا فإذا قال صلى الله عليه وسلم:" إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل"، فيدخل في ذلك ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

٤- أن المضمضة والاستنشاق والاستنثار تدخل في الوجه وتعد منه.


(١) سورة الحشر آية ٧.
(٢) سورة الحشر آية ٧.

<<  <   >  >>