إن من يقرأ هذه الأحاديث يجد حديث أم سلمة –رضي الله عنها- يفيد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يتنور، ويجد حديث قتادة ينفي عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- التنور، وهذان معنيان مختلفان متعارضان، وقد وجه العلماء هذا الاختلاف ودرؤوا التعارض.
أقوال العلماء في درء التعارض:
١- قال السيوطي بعد ذكر أحاديث عدم التنور:
قلت: فرجع الأمر إلى أنه حديث واحد وهو:
أولاً: ضعيف.
ثانياً: معارض بالأحاديث السابقة، وهي أقوى منه سنداً ومتناً، وأكثر عدداً.
وثالثاً: أن تلك مثبتة، وهذا نافٍ، والقاعدة الأصولية عند التعارض: تقديم المثبت على النافي خصوصاً أن التي روت الإثبات باشرت الواقعة وهي من أمهات المؤمنين، وهي أجدر بهذه القضية، فإنها مما يفعل في الخلوة غالباً، لا بين أظهر الناس، وكلاهما من وجوه الترجيحات، فهذه خمسة أجوبة.
وسادس: وهو أنه على حسب اختلاف الأوقات، فتارة كان يتنور، وتارة كان يحلق ولا يتنور.
وقد روي مثل هذا الاختلاف عن ابن عمر، فروي عنه أنه كان يتنور، وأخرج الطبراني في الكبير بسند رجاله موثوقون عن مسكين بن عبد العزيز عن أبيه قال: دخلت على عبد الله بن عمر وجاريته تحلق عنه الشعر، فقال: إن النورة ترق الجلد.
فالجمع بين هذا وبين ما تقدم أنه فعل الأمرين معاً، هذا في أوقات وهذا في أوقات، نعم ثبت عن عمر أنه كان يكره التنور ويعلله بأنه من النعيم.
قال سعيد بن منصور: حدثنا حبان بن علي عن محمد بن قيس الأسدي عن رجل قال: كان عمر بن الخطاب يستطيب بالحديد فقيل له: ألا تنور؟! قال: إنها من النعيم، وإنا نكرهها.