للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأرسل إلى حفصة فسألها فقالت: لا علم لي بذلك، ثم أرسل إلى عائشة -رضي الله عنها- فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل. فقال عمر -رضي الله عنه- عند ذلك: لا أعلم أحدا فعله ثم لم يغتسل؛ إلا جعلته نكالا.

قال أبو جعفر: فهذا عمر قد حمل الناس على هذا بحضرة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم ينكر ذلك عليه منكر.

قال الطحاوي:

وأما وجهه من طريق النظر: فإنا رأيناهم لم يختلفوا أن الجماع في الفرج الذي لا إنزال معه حدث، فقال قوم هو أغلظ الأحداث، فأوجبوا فيه أغلظ الطهارات، وهو الغسل. وقال قوم هو كأخف الأحداث، فأوجبوا فيه أخف الطهارات، وهو الوضوء.

فأردنا أن ننظر إلى التقاء الختانين: هل هو أغلظ الأشياء فنوجب فيه أغلظ ما يجب في ذلك؟

فوجدنا أشياء يوجبها الجماع، وهو فساد الصيام والحج، فكان ذلك بالتقاء الختانين وإن لم يكن معه إنزال، ويوجب ذلك في الحج الدم وقضاء الحج، ويوجب في الصيام القضاء والكفارة، في قول من يوجبها.

ولو كان جامع فيما دون الفرج، وجب عليه في الحج دم فقط، ولم يجب عليه في الصيام شيء إلا أن ينزل، وكل ذلك محرم عليه في حجه وصيامه، وكان من زنى بامرأة حد، وإن لم ينزل، ولو فعل ذلك على وجه شبهة فسقط بها الحد عنه، وجب عليه المهر.

وكان لو جامعها فيما دون الفرج، لم يجب عليه في ذلك حد ولا مهر، ولكنه يعزر إذا لم تكن هناك شبهة.

وكان الرجل إذا تزوج المرأة فجامعها جماعا لا خلوة معه في الفرج ثم طلقها، كان عليه المهر أنزل أو لم ينزل، ووجبت عليها العدة وأحلها ذلك لزوجها الأول.

ولو جامعها فيما دون الفرج لم يجب في ذلك عليه شيء، وكان عليه في الطلاق نصف المهر إن كان سمي لها مهرا، أو المتعة إذا لم يكن سمي لها مهرا.

فكان يجب في هذه الأشياء التي وصفنا، التي لا إنزال معها أغلظ ما يجب في الجماع الذي معه الإنزال، من الحدود والمهور، وغير ذلك.

<<  <   >  >>