للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١- قال أبو جعفر الطحاوي:"كانت عائشة رضي الله عنها تغسل المني من ثوب رسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يصلي فيه وتفركه من ثوبه الذي كان لا يصلي فيه ".

ورد على حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت:كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يصلي فيه بقوله:"ليس في هذا دليل على طهارته، فقد يجوز أن يكون كانت تفعل به هذا فيطهر بذلك الثوب والمني في نفسه نجس كما قد روي في ما أصاب النعل من الأذى فيما رواه أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا وطئ أحدكم الأذى بخفه أو نعله فطهورهما التراب) (١) فكان ذلك التراب يجزئ من غسلهما وليس في ذلك على طهارة الأذى في نفسه، فكذلك ما روي في المني يحتمل أن يكون حكمه كذلك يطهر الثوب بإزالتهم إياه عنه بالفرك وهو في نفسه نجس، كما كان الأذى، يطهر النعل بإزالتهم إياه عنها وهو في نفسه نجس، فالذي وقفنا عليه من هذه الآثار المرورية في المني هو أن الثوب يطهر مما أصابه من ذلك بالفرك إذا كان يابسا ويجزئ ذلك من الغسل، وليس في شيء من هذا دليل على حكمه هو في نفسه أطاهر أم نجس ولما لم يكن فيما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دليل على حكمه كيف هو؟ اعتبرنا ذلك من طريق النظر فوجدنا خروج المني حدثا أكبر الأحداث لأنه يوجب أكبر الطهارات فأردنا أن ننظر في الأشياء التي خروجها حدث كيف حكمها في نفسها؟ فرأينا الغائط والبول خروجهما حدث وهما نجسان في أنفسهما، وكذلك دم الحيض والاستحاضة وهما حدث وهما نجسان في أنفسهما، وكذلك دم العروق في النظر.

فلما ثبت بما ذكرنا أن كل ما كان خروجه حدثا فهو نجس في نفسه، وقد ثبت أن خروج المني حدث ثبت أيضا أنه في نفسه نجس" (٢) .


(١) أخرجه أبو داود (١/١٥٠) .

(٢) شرح معاني الآثار ١/٤٨، ٥٣. بتصرف.

<<  <   >  >>