للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢- ودرأ ابن حبان التعارض بين الحديثين "بأن حدث حذيفة رضي الله عنه كان له سبب،وهو عدم الإمكان من الجلوس، وذاك أن المصطفى –صلى الله عليه وسلم- أتى سباطة قوم، وهي المزبلة، فأراد أن يبول فلم يتهيأ له الإمكان لأن المرء إذا قعد يبول على شيء مرتفع ربما تفشى البول فرجع إليه، فمن أجل عدم إمكانه من القعود لحاجة بال قائماً.

وعائشة رضي الله عنها لم تكن معه في ذلك الوقت، إنما كانت تراه في البيوت يبول قاعداً فحكت ما رأت، وأخبر حذيفة بما عاين" (١) .

٣- وكذا درأ ابن قتيبة هذا التعارض بقوله: "لم يبل قائماً قط في منزله والموضع الذي كانت تحضره عائشة –رضي الله عنها-وبال قائماً في المواضع التي لا يمكن أن يطمئن فيها، إما للثق (٢) في الأرض وطين وقذر.

وكذلك الموضع الذي رأى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذيفة يبول قائما كان مزبلة لقوم، فلم يمكنه القعود فيه ولا الطمأنينة وحكم الضرورة خلاف حكم الاختيار" (٣) .

٤- وذكر الخطابي لبوله –صلى الله عليه وسلم- قائماً وجوهاً منها:

١-أنه لم يجد للقعود مكانا فاضطر إلى القيام إذ كان ما يليه من طرف السباطة مرتفعا عالياً.

٢- وقيل: إنه كان برجله جرح لم يتمكن من القعود معه وقد روي ذلك في حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بال قائماً من جرح كان بمأبضه (٤) .

٣-وحدثونا عن الشافعي أنه قال: كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائماً. فترى أنه لعلة به إذ ذاك وجع الصلب (٥) .


(١) الإحسان (٢/٣٤٨، ٣٥٠) بتصرف.
(٢) اللثق: البلل. الفائق للزمخشري ٣/٣٠٣.
(٣) تأويل مختلف الحديث ص ٨٧.
(٤) المأبض: باطن الركبة. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ١/١٥.
(٥) معالم السنن ١/٢٩.

<<  <   >  >>