للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- وقال ابن القيم: والصحيح أنه إنما فعل ذلك-أي البول قائماً- تنزها وبعدا من إصابة البول، فإنه إنما فعل هذا لما أتى سباطة قوم وهو ملقى الكناسة وتسمى المزبلة، وهي تكون مرتفعة، فلو بال فيها الرجل قاعدا لارتد عليه بوله وهو -صلى الله عليه وسلم- استتر بها وجعلها بينه وبين الحائط فلم يكن بد من بوله قائماً (١) .

٦-وذكر النووي الأوجه الثلاثة التي حكاها الخطابي وزاد وجهاً رابعاً عن المارزي والقاضي عياض رحمهما الله وهو أنه بال قائماً لكونها حالة يؤمن خروج الحدث من السبيل الآخر في الغالب بخلاف حالة القعود، ولذلك قال عمر: البول قائماً أحصن للدبر. ويجوز وجه خاص أنه-صلى الله عليه وسلم- فعله للجواز في هذه المرة وكانت عادته المستمرة يبول قاعداً ويدل عليه حديث عائشة –رضي الله عنها- قالت: من حدثكم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- كان يبول قائماً فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعداً (٢) .

رواه أحمد بن حنبل والترمذي والنسائي وآخرون. وإسناده جيد والله أعلم.

وقد روي في النهي عن البول قائماً أحاديث لا تثبت، ولكن حديث عائشة هذا ثابت فلهذا قال العلماء: يكره البول قائماً إلا لعذر، وهي كراهة تنزيه لا تحريم.

قال ابن المنذر في الإشراق: اختلفوا في البول قائماً فثبت عن عمر ابن الخطاب –رضي الله عنه- وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما، قال: وروي ذلك عن أنس وعلى وأبي هريرة رضي الله عنهم وفعل ذلك بن سيرين وعروة بن الزبير وكرهه بن مسعود والشعبي وإبراهيم بن سعد وكان إبراهيم بن سعد لا يجيز شهادة من بال قائماً.


(١) زاد المعاد ١/١٧٢.
(٢) شرح صحيح مسلم ٣/١٦٥، ١٦٦.

<<  <   >  >>