للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيه قول ثالث: أنه كان في مكان يتطاير إليه من البول شيء فهو مكروه، فان كان لا يتطاير فلا بأس به، وهذا قول مالك قال بن المنذر: البول جالسا أحب إلى وقائما مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا كلام ابن المنذر والله أعلم. (١)

٧- وأورد السيوطي هذه الأوجه الخمسة، وزاد:" وذكر المنذري وجهاً سادساً أنه لعله كان فيهما نجاسات رطبة وهي رخوة فخشي أن تتطاير عليه قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي: كذا ولعل القائم أجدر بهذه الخشية على القاعد، قلت مع أنه يؤول إلى الوجه الثالث، وذهب أبو عوانة وابن شاهين إلى أنه منسوخ. (٢)

٨- وذكر ابن حجر الأوجه التي ذكرها النووي وعلق على الوجه الثاني بقوله:" ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي والأظهر أنه فعله لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود. والله أعلم.

وسلك أبو عوانة في صحيحه وابن شاهين فيه مسلكاً آخر فزعما أن البول عن قيام منسوخ، واستدلا عليه بحديث عائشة الذي قدمناه "ما بال قائماً منذ أنزل عليه القرآن" وبحديثها أيضاً " من حدثكم أنه كان يبول قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا قاعداً"، والصواب أنه غير منسوخ، والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه في البيوت، وأما في غير البيوت فلم تطلع عليه، وقد حفظه حذيفة وهو من كبار الصحابة، وقد بينا أن ذلك كان بالمدينة فتضمن الرد على ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن، وقد ثبت عن عمر وعلي وزيد بن ثابت وغيرهم أنهم بالوا قياماً، وهو دال على الجواز من غير كراهة إذا أمن الرشاش، والله أعلم. ولم يثبت عن النبي –صلى الله عليه وسلم- في النهي عنه شيء ... " (٣) .


(١) المرجع السابق والصفحة.
(٢) سنن النسائي بشرح السيوطي ١/٢٠.
(٣) فتح الباري ١/٣٣٠.

<<  <   >  >>