للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريمة: (في هذه الآية دليل على أن حكم الجن حكمُ الإنس في الثواب والعقاب والتعبُّد بالأوامر والنواهي) . اهـ (١) .

مسألة:

هل أرسل الله إلى الجن رسلاً منهم أم لا؟

ولا يَرِد على ما سبق الاحتجاجُ بمعنى قوله تعالى: [الأنعَام: ١٣٠] {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} . فإن ظاهر معنى الآية أفاد أن لهم رسلاً من جنسهم، كما أن للإنس رسلاً من جنسهم. لكن الراجح في ذلك عند أهل العلم أنه لم ينبأ منهم أحد ولم يكن منهم رسول، وقد استدلوا على ذلك بأدلة عديدة، منها:

قول الله تعالى: [يُوسُف: ١٠٩] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ... } .

وقوله تعالى: [الفُرقان: ٢٠] {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} ، وقوله عزّ وجلّ: [العَنكبوت: ٢٧] {وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} . وفيه تصريح بأن كل نبي بعثه الله بعد إبراهيم عليه السلام فهو من ذريته.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ (٢) .


(١) انظر: فتح القدير، للإمام الشوكاني (٥/٢٦) .
(٢) محل استدلالٍ من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الجهاد والسِّيَر، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ» ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. ومسلم - بلفظه -؛ في استهلال كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٥٢٣) ، عنه أيضًا.

<<  <   >  >>