للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسائل وأحكام مهمة تتعلق بالسحر والسحرة:

إن النصوص السابق إيرادها يمكن اعتبارها - بحقٍ - عمدة الأدلة، فيما يمكن استنباطه من فوائد وأحكام ومسائل متعلقة بالسحر وأهله، وقد لا يكون مناسبًا استيعاب تلك المسائل جميعها، في هذا المقام (١) ، لذا، سوف اقتصر على مهماتها، مستعينًا بالله عزَّ وجلَّ.

الأولى: أن اليهود لما نبذوا تعاليم التوراة النافعة، ابتلاهم الله تعالى بالاشتغال بما يضرهم، فمن الحكمة الإلهية أن من ترك الحق ابتلي بالباطل (٢) .

الثانية: أن تلاوة الشياطين - في قوله تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ... } ، هي بمعنى الإخبار والتحديث كذبًا، لذلك عُدّي فعل (تتلو) بـ (على) ، أي: تكذب وتفتري وتتقوّل على سبب ملك سليمان عليه السلام، وتزعم كاذبةً أن سليمان كان يستمد سرَّ مُلْكِه من السحر الذي جعله مسيطرًا على الجن والطير والرياح، وأنه قد وطّد مُلكه بذلك، لا بوحي ورسالة، ومِنَّةٍ وعطاء بغير حساب من الله عزَّ وجلَّ. فكذَّبهم الله تعالى، بأن سليمان عليه السلام لم يكفر كما ادعت الشياطين بتعلم السحر والعمل به، بل إن الشياطين وأتباعهم اليهود - لعنهم الله وقد صدَّقوهم فيما زعموه - هم الذين كفروا؛ فالشياطين كفروا بزعمهم هذا، وبتعليم اليهود السحر، واليهود قد كفروا ابتداءً بنبذهم التوراة وراء ظهورهم وتنكّرهم لتعاليمها، وكذلك بتصديقهم لما ادعاه الشياطين في حق مُلْك سليمان، وأيضًا قد كفروا


(١) انظر - لتفصيل ذلك -: الفصلَ الأول من كتابنا: (الحِذْر من السِّحْر) .
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، للإمام ابن كثير (١/١٣٨) . وكذا تفسير السعدي (١/١١٧) .

<<  <   >  >>