للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أدلة وجود الحسد، قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *} [البقرة: ١٠٩] . وقوله سبحانه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا *} [النساء: ٥٤] . وقوله جلّ ذكره: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً *} [الفتح: ١٥] . وقوله عزّ وجلّ: [الفَلَق] {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ *} .

ومن أدلة إثبات وجوده في السُّنّة، قوله صلى الله عليه وسلم: وَلاَ تَحَاسَدُوا (١) وقوله صلى الله عليه وسلم: لاَ يَجْتَمِعُ فِي جَوْفِ عَبْدٍ: الإِيْمَانُ وَالْحَسَدُ (٢) .

١٨ - العين: وهي النظر باستحسانٍ مَشُوبٍ (مختلط) بحسد، من خبيث الطبع، يحصل للمنظور منه ضرر (٣) . فإذا نظر خبيث الطبع المتشهّي لزوال النعمة عن غيره، الكاره لتوجهها إليه، إذا نظر إلى مُنْعَمٍ عليه، خرج من نفسه سهام، تصيب المعيون تارة، وتخطئة تارة، فإن صادفت تلك السهام نفس المعيون مكشوفة، غير متحصنة، ولا وقاية عليها بذكر الله والتبريك، أثرت فيه تلك النظرة ولا بد، وإن صادفته شاكي السلاح متخذاً وقاية، لم تنفذ فيه، ولم تؤثر، وربما رُدت السهام على صاحبها (٤) .


(١) جزء من حديث متفقٍ عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب: ما ينهى عن التحاسد والتدابر، برقم (٦٠٦٤) . ومسلم، كتاب: البِرّ واالصلة والآداب، باب: تحريم الظن والتجسس ... ، برقم (٢٥٦٣) .
(٢) أخرجه أحمد في مسنده (٢/٤٤١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. بلفظ: «لاَ يَجْتَمِعُ الشُّحُّ وَالإِْيمَانُ فِي جَوْفِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ» . وأخرجه الحاكم - بلفظه - في المستدرك (٢/٧٢) ، وصحّحه، ووافقه الذهبي.
(٣) التعريف للإمام ابن حجر رحمه الله، انظر: فتح الباري (١٠/٢١٠) .
(٤) الكلام بمعناه للإمام ابن القيم رحمه الله. انظر: الطب النبوي ص ١٣١.

<<  <   >  >>