للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ *} [القلم: ٥١] .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (قال ابن عباس، ومجاهد، وغيرهما: (ليزلقونك: ليَنْفُذونك بأبصارهم. أي ليَعِينُونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك، لبغضهم إياك، لولا وقاية الله لك، وحمايته إياك منهم. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتَها وتأثيرَها حق، وذلك بأمر الله الكوني القدري. كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة) . اهـ (١) . ثم ساق رحمه الله نحواً من عشرين رواية في ذلك، منها: قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا (٢) .

وهاك - أخي القارئ - بيان العلاقة بين الحسد والعين (٣) :

١ - الحسد، أعم من العين: لذا، فقد جاءت الاستعاذة في سورة الفلق، بما هو أعم، وهو الحسد، واستُغنِي عن ذكر العين لتضمن الحسد لها، قال تعالى: [الفَلَق: ٥] {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ *} ، فالعين إذاً نوع من أنواع الحسد، فكل عائن حاسد إن كان خبيث الطبع قاصداً الإضرار، وإلا فهو عائن فقط، لكنْ ليس كل حاسد عائناً، فقد يحسد المرءُ لكرهه حصول نعمة ما على غيره، دون أن يوقع نظره عليه،


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٤/٤٨٢) .
(٢) انفرد بتمامه مسلم، كتاب: السلام، باب: الطب والمرض والرقى، برقم (٢١٨٨) ، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. كما أخرج جزأه الأول: «الْعَيْنُ حَقٌّ» البخاريُّ؛ كتاب: الطب، باب: العين حق، برقم (٥٧٤٠) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) انظر في ذلك: العيون المخيفة، منصور الخميس ص ٣٨، والطرق الحسان في علاج أمراض الجانّ، خليل أمين، ص ١٥٧.

<<  <   >  >>