للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وأما كثرة وجودهم - عياذاً بالله - في الأسواق، فلوصية سلمانَ رضي الله عنه، بقوله: ((لا تكونن، إن استطعتَ، أولَ من يدخل السوق ولا آخرَ من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها يَنْصِبُ رايته)) (١) .

٢- المسُّ، ومن أثره الصَّرْع: إن من المسلّم به لدى كل مسلم - ولله الحمد - الإيمان الجازم بما نُصَّ عليه في كتاب الله تعالى، وبما صحّ من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومما يدخل في ذلك التسليم بوجود الجن، وهذا مما أجمع عليه سلف هذه الأمة وخَلَفُها شرَّفها الله. ولكن، ما تأثير هذا الخلق على الإنس؟

إن جمهور أهل العلم يُثبِتون أثراً للجن على الإنس، فإنْ تسلَّط شيطان من شياطين الجن على إنسي تخبَّطه بمسٍ - والعياذ بالله -، وهذا المس له عندهم مفهوم شامل ينضوي تحته كل أثر له، ومن ذلك الوسوسة المعنوية، ومن أثرها اللمّة، وهي: خاطر يفضي إلى كثرة التردد في الأمور، أو الميل إلى الشر والانصراف عن الخير، وقد تبلغ الوسوسة في صدر الإنسي حدَّ سَلْبِه لإرادته، وقد يتبع ذلك الأذى النفسيَّ المسُّ الحسيُّ - وهو التخبط - وهو أذى وتعدٍّ مادي جسدي يؤدي إلى اختلال الحركات، فيتخبط الممسوس في مشيته مثلاً، أو يفقد السيطرة على تصرفاته، وهذا ما يسمَّى بالصَّرْع، وقد يصل الصَّرْع إلى حدّ التلبس التام، فيكون المسُّ عندئذ سيطرةً تامة على العقل والجسد، فيُعَلّ الممسوسُ بسببها جسداً ونفساً، ويؤثر ذلك على عقله، فيصيبه لمم (طرف جنون) أو جنون تام، والعياذ بالله، فلا يعي بعدها ما يقول، وقد


(١) أخرجه مسلم؛ كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، برقم (٢٤٥١) ، عن سلمان رضي الله عنه.

<<  <   >  >>