تَرِد على مسامع المسلم المعاصر ألفاظٌ ومصطلحات، يألف سماعها في المجالس العامة والخاصة، وفي المحاضرات العلمية والندوات التلفازية، ويتجاذب الناس أطراف الحديث بها ويتشوّف كثير منهم - كبيرهم وصغيرهم - إلى معرفة المزيد عنها، فينبري إذ ذاك ثلة من القوم لتصدُّر الحديث بشأنها، فيتلقَّوْنه بألسنتهم، فيهرفون بما لا يعرفون، وقد صار حال الناس في ذلك بين مقلٍّ ومُكثِر؛ فهذا جاهل بحقيقتها، وذاك له أَثارة مِنْ علمٍ بها، وذلك عالم بخفاياها لكنه قد أمسك عن التحدث بشأنها، أو قلّ تعرضه لبيانها، وهي بلا ريبٍ حديث الناس على مدار الساعة، وغالبًا ما يكون للجهلة - الذين امتهنوا الشعوذة، واستساغوا التدجيل - قصب السبق في الحديث عنها، فتنجذب إليهم قلوب العامة، بل وبعض الخاصة، يُغدِقون عليهم بعض ما حازوه من فُتات الدنيا، ومع أن ضر هؤلاء الدجاجلة أقرب من نفعهم، لكنك تلقى تهافت الناس على دُورهم منقطع النظير، حتى إنك قد تجد من لم يمسه ضُرٌّ، يُقبِل عليهم طالبًا نفعاً بهم، فيهرعون إذ ذاك إلى اهتبال هذه الفرصة السانحة، فيستخِفُّونه، ويصنعون له التمائم والحُروز ويحضِّرون له - بزعمهم - الأرواح الخيِّرة لتساعده، فيكون بعدها في ضَنْك العيش؛ تتجاذبه شياطين الإنس والجن، حتى يأذن الله تعالى بفَكاكِه من ذلك.