للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَلْقَاهُ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، يَكْتُبُ اللهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ إِلى يَوْمِ يَلْقَاهُ (١) .

ويرشد صلى الله عليه وسلم أمته بقوله: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْراً أَوْ لِيَصْمُتْ ... (٢) ، وقد بشر صلى الله عليه وسلم من حفظ لسانه عن قول السوء، وفرجَه عن مقاربة الزنا، بشّره بالجنّة، فقال عليه أزكى صلاة وأبلغ تسليم: مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ، وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ (٣) .

هذه النصوص الكريمة من كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وغيرها كثير جليل، كلها دالٌّ بوضوح على عِظَم خطر شأن اللسان، والكلمة الصادرة عنه، ومع ذلك كله فإن الإنسان بعامة لا يستشعر هذا الخطر، وقد يظن ظان بأن الكلمة تتلاشى في الأثير وتمر محاذية لآلة السمع، وأمرها كأمر نسمة هواء عابرة، ومن ثم فلا يؤاخذ بقوله، حيث يُخيِّل إليه الشيطان أنها لا أثر ملموساً لها على جسد السامع، ومن ثَمَّ فهي لم تؤذه، فلا داعي للكف عن قولها أو الاعتذار بعده.


(١) أخرجه الترمذي؛ كتاب: أبواب الزهد، باب: ما جاء في قلة الكلام، برقم (٢٣١٩) ، عن بلال بن الحارث المُزَني، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجَهْ؛ كتاب: أبواب الفتن، باب: كفُّ اللسان في الفتنة، برقم (٣٩٦٩) ، عنه أيضاً. وهو عند أحمد (٣/٤٦٩) ، من حديث بلال بن الحارث أيضًا.
(٢) جزء من حديث أخرجه البخاري؛ كتاب: الرِّقاق، باب حفظ اللسان، برقم (٦٤٧٥) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهو أيضًا جزء من حديث أخرجه مسلم؛ كتاب: الإيمان، باب: الحث على إكرام الجار والضيف ولزوم الصمت إلا عن الخير ... ، برقم (٤٧) ، عنه أيضاً.
(٣) أخرجه البخاري؛ كتاب: الرقاق، باب: حفظ اللسان، برقم (٦٤٧٤) ، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه. وفي لفظ عنده أيضاً: «مَنْ تَوَكَّلَ لِي ... تَوَكَّلْتُ لَهُ ... » برقم (٦٨٠٧) عنه أيضاً.

<<  <   >  >>