للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتصرف بها بحسب إرادته.

يقول الله عزّ وجلّ مُعِيباً على الكفار المتصفين بصفة كمال الخَلْق، وقد تفوقوا بذلك - مرارًا - على أصنامهم التي ظلوا لها عاكفين، وهي جامدة في موضعها لا تستطيع حراكاً: [الأعرَاف: ١٩٥] {أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا ... } .

ويقول سبحانه في حق نسوة أردن فتنةً بالضرب بالأرجل على الأرض، ليُسمع رنين الزينة المعلَّقة بها، [النُّور: ٣١] {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ... } .

وها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر بني سَلِمَةَ بإحصاء خطوات أرجلهم الجادّة في سيرها إلى المسجد النبوي الشريف، وذلك لمّا أرادوا الانتقال إلى مقربة المسجد من وادٍ كانوا يسكنون فيه، فأمرهم صلى الله عليه وسلم بألاّ يفعلوا، لتكتب آثار خطواتهم، فقال عليه الصلاة والسلام: يَا بَنِي سَلِمَةَ، دَيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ (١) ، إِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خُطْوَةٍ دَرَجَةً (٢) . ويقول صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خُطُوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأُْخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً (٣) . ويقول الإمام قتادة بن دِعامة السدوسي - من أئمة التابعين - رحمه الله -: (لو كان الله مُغْفِلاً شيئاً


(١) أخرجه البخاري؛ كتاب: الأذان، باب: احتساب الآثار، برقم (٦٥٥) ، عن أنسٍ رضي الله عنه. ومسلم - بلفظه - كتاب: المساجد، باب: فضل كثرة الخُطا إلى المساجد، برقم (٦٦٥) ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه مسلم؛ في الموضع السابق، برقم (٦٦٤) عن جابر أيضاً رضي الله عنه.
(٣) أخرجه مسلم؛ كتاب المساجد، باب: المشي إلى الصلاة تُمحى به الخطايا وتُرفع به الدرجات، برقم (٦٦٦) ، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>