فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرشدًا أمته صلى الله عليه وسلم: إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ، وَلاَ يَقُولَنَّ: اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي، فَإِنَّه لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ (١) .
فتأمّل - رحمك الله - إن كان العزم مأموراً به في الطلب من الله تعالى - مع أن الأصل هو كمال التأدب مع الربّ سبحانه وتسليم الأمر إلى مشيئته تعالى - فكيف بما هو دون ذلك من الأمور؟!.
* ... والتبذير، بالإسراف في الإنفاق، ومجانبة التوسط فيه، وكذلك في الإنفاق بغير وجه حق، أوفي معصية، أو في الحث عليها، والمؤمن يجانب ذلك كلَّه، فيكون إنفاق النعمة - من مال وغيره - عنده قوامًا بين الإسراف والتقتير، مع إعطاء كل ذي حقٍّ حقه، وفي طاعة الله بمباح أو قُرْبَةٍ. وهو يعلم أن مِنْ أَحَبِّ ما يُنفَق به المال عند الله تعالى: ما كان زكاةً، أو صلة أرحام، أو إحساناً إلى جار مسكين، أو إجابةً لسائل. وحيث يجانب المؤمنُ ذلك فقد قارب التشبه بصفة الشيطان في التبذير والسَّفَه، ومقاربة المعاصي واجتناب الطاعات، وفي ذلك كفر بالنعمة وجحود بها، وإنكار لها، باستعمالها بغير ما وُهِبَتْ لأجله، فيتآخى المسرف المبذر مع
(١) متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: الدعوات، باب: «لِيعزم المسألة فإنه لا مكرِه له» برقم (٦٣٣٨) . ومسلم؛ كتاب: الذِّكْر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: العزم بالدعاء، ولا يقل: إن شئتَ، برقم (٢٦٧٨) .