للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَخْلَةَ، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا - قال: صَهْ -، وكانوا تسعةً أحدُهم زَوْبَعَةُ، فأنزل الله: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ..} - الآية) (١) . [وقد آذنَتْه بهم - أي أعلمَتْه صلى الله عليه وسلم باستماعهم ووجودهم شجرةٌ] (٢) .

وقال الإمام القرطبي رحمه الله: هم من بني الشيِّصيان، وهم أكثر الجن عدداً وأقواهم شوكة وأشرفهم نسباً (٣) . وقد تعددت الروايات في تحديد نسبة هؤلاء النفر وعددهم، فقيل هم تسعة من الشيِّصيان كما تقدم، أو سبعة من نِصِّيبين، أو من جن نينوى، أو من أهل حرّان، وأن الاستماع كان في صلاة الفجر أو في صلاة العِشاء الآخرة. وأياً كان الحال، فالعبرة في إذعانهم - مع عِظَم شوكتهم - لمواعظ القرآن، وقبولهم بأن يكونوا رسلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلى قومهم، يدعونهم لإجابة داعي الله والإيمان به عليه الصلاة والسلام، بل إنهم قد دَعَوا بعض الإنس أيضاً للإسلام كما في حديث إسلام سواد بن قارب رضي الله عنه الطويل، وفيه أن داعي الجن أتاه ثلاث ليالٍ متواليات يدعوه في كل ليلة بقوله:

فانهضْ إلى الصَّفوة من بني هاشمٍ ... ما مؤمنو الجن ككفارها

فأنشد سواد بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم شعراً، ومنه:

وأنك أدنى المرسلين شفاعةً ... إلى الله يا ابنَ الأكرمينَ الأطايبِ


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم ص ١٥٦٥ ط - بيت الأفكار الدولية.
(٢) حديث الإيذان في صحيحي البخاري ومسلم، الأول برقم (٣٨٥٩) ، والثاني برقم (٤٥٠) .
(٣) انظر: الجامع لأحكام القرآن (١٩/٢) .

<<  <   >  >>