للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَقْرِبَاءَكَ، وَتعْرِفُ حَقَّ السَّائِلِ وَالْجَارِ وَالْمِسْكِينِ ... (١) .

* ... والجدال بالباطل، ومردّه إلى (إعجاب كل ذي رأي برأيه) (٢) ، وأصله من الكِبْر المذموم، والجدل مشتق من محاولة كل من المتخاصمين جَدْل صاحبه عن رأيه، فإن كان بغير وجه حق سمي مِراءً، وهو المعنيّ هنا، وإن كان بالحق سمي جدالاً، وقد فطر الإنسان على حب المجادلة، فمن أعمل ذلك من غير حجة بينة وكان قصده إعلاء كلمته وإظهار مذهبه تعظيمًا لشأن نفسه وتحقيرًا لنظيره، لا إظهارًا لوجه الحق الذي التزمه، وجد إذ ذاك غيظًا في قلبه واستفاض حَنَقاً على صاحبه، فإن قهره الخصم بحجته الدامغة استحال الغيظ غِلاًّ في قلبه، حتى إذا تظاهر أنه نسي تلك الجولة الخاسرة، تحوّل الغِلُّ في قلبه إلى إِحَنٍ وحقد دفين، وهو أخطر مدخل للشيطان على قلبه، حيث يبقى صاحبه يتحين الفرصة ليُنفِذ غيظه، ولينقضّ على صاحبه فيفتك به. إن مثل هذا المشكِّك بالحق - لأجل رأيه - لا ريب أنه ولي للشيطان، قد زخرف له مولاه الكِبْرَ والمماراةَ على أنها فضيلة يُتوصَّل بها إلى تحقيق الذات وقهر الخصم. هذا، فضلاً عما يورثه هذا الجدل من تحريش من الشياطين بين


(١) جزء من حديث أخرجه أحمد في مسنده، (٣/١٣٦) - من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) هذا مستفاد من جزء من حديث، أخرجه الترمذي مطولاً - ومنه: «.... حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعاً، وَهَوىً مُتَّبَعاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ ... » الحديث - كتاب: تفسير القرآن، باب: ومن سورة المائدة، برقم (٣٠٥٨) ، عن أبي ثعلبة الخُشَني رضي الله عنه. وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. وأخرجه أبو داود أيضاً مطولاً برقم (٤٣٤١) . وابن ماجه كذلك، برقم (٤٠١٤) .

<<  <   >  >>