للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً} [الكهف: ٥٤] (١) .

* ... والعمد إلى تغيير خلق الله تعالى، وهو من أعظم ما يستهوي الشياطين، والعياذ بالله عزّ وجلّ، فتعمد إلى تزيين ذلك للناس، فيقع كثير منهم في هذا الشَّرْك، متوهّمين بأن هذا التغيير يحسّن مظهرهم ويرفع منزلتهم، وقد لا يقتصر هذا التغيير على صاحبه، بل قد يسّول له الشيطان أن يتعدى ذلك إلى محاولة تغيير وتشويه خلقٍ آخر، وهذا عين ما فعله بعض مشركي العرب، حيث عمدوا إلى تشقيق آذان الأنعام وجعله سمة وعلامة لتحكمهم بجواز الانتفاع بها، أو حرمة ذلك، أو اختصاص هذا النفع بأناس دون آخرين، ومن ذلك ما ادَّعَوْه افتراءً من [بَحِيرة، أو سائبة، أو وصيلة، أو حامٍ] (٢) ، فوقعوا


(١) أخرجه البخاري - بلفظه - كتاب: أبواب التهجَّد، باب: تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل ... ، برقم (١١٢٧) . ومسلم؛ صلاة المسافرين وقَصْرِها؛ باب: ما رُوي فيمن نام الليل أجمعَ حتى أصبح، برقم (٧٧٥) عنه أيضاً.
(٢) السائبة: هي الناقة التي كانت تُسيَّبُ في الجاهلية لنذر أو نحوه، لكونها قد ولدت عشرة أبطن كلهن إناث، فلا يُركب ظهرها ولا يُشرب لبنها، إلا ولدُها فيشرب من لبنها، وكذلك الضيف، حتى تموت، فإذا ماتت اشترك في أكلها الرجال والنساء، ثم بُحِرَتْ أذن بنتها الأخيرة، أي شُقَّتْ الأذن وخُرِقَتْ. فسميت هذه البنت (بحيرة) ، وكان حكمها كحكم أمها.
أما (الوصيلة) : فهي الشاة تلد سبعة أبطن، عَناقين عَناقين - أي: أنثيين أنثيين -، فإن ولدت في الثامنة جَدْياً - أي: ذكراً -: ذبحوه لآلهتهم المزعومة، واختصُّوها به، وإن ولدت جدياً وعناقاً، قالوا: قد وصلت أخاها، أي: وصلت العناق أخاها الجدي، فلا يذبحون أخاها من أجلها، ولا تشرب لبنَها النساءُ، وكان للرجال فقط، ثم يُجْرُونها مجرى السائبة - على ما عَرَفْتَ من حالها -.
وأما (الحامي) ، فهو الفحل من الإبل الذي طال مكثه عندهم، بحيث لَقِحَ ولدُ ولدِه، فيقولون: قد حمى ظهرَه، فلا يُركب، ولا يُجَزُّ له وبرٌ، ولا يُمنع من مرعى. انظر في بيان ذلك كله، مختار الصحاح، مادة (سَيَب - بَحَر - وَصَل - حَمَيَ) .

<<  <   >  >>