للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُمْتَلِىءٍ حِكْمَةً وَإِيْمَانًا فَأَفْرَغَهُ فِي صَدْرِي، ثُمّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَعَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ... الحديث (١) . وقد حصل هذا الشرح لصدر النبي صلى الله عليه وسلم عند موضع بئر زمزم، كما في الحديث - الصحيح -: أُتِيتُ فَانْطَلَقُوا بِي إِلَى زَمْزَمَ، فَشُرِحَ عَنْ صَدْرِي، ثُمَّ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أُنْزِلْتُ (٢) .

٢- ... ومن فضل هذا الماء، أن ريق النبي صلى الله عليه وسلم قد خالطه فلم يزدد الماء إلا بركة على بركته (٣) قال ابن عباس رضي الله عنهما: جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى زَمْزَمَ فَنَزَعْنَا لَهُ دَلْوًا، فَشَرِبَ، ثُمَّ مَجَّ فِيهَا، ثم أفرغناها في زمزم، ثم قال: لَوْلاَ أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهَا، لنَزَعْتُ بِيَدَيَّ (٤) .


(١) الحديث بطوله أخرجه البخاري؛ كتاب: الصلاة، باب: كيف فُرضت الصلاة في الإسراء، برقم (٣٤٩) . ومسلم؛ كتاب الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، برقم (١٦٣) ، عن أنس رضي الله عنه.
(٢) مسلم؛ بالتخريج السابق، برقم (١٦٢) ، عن أنس رضي الله عنه أيضًا.
(٣) إن لريق النبي صلى الله عليه وسلم بركة ظاهرة صح ثبوتها في روايات عديدة، من ذلك: مداواته صلى الله عليه وسلم بأثر ريقه الشريف، عينَيْ علي رضي الله عنه، وقد اشتكى رمدًا بهما يوم غزوة خيبر، فبرأ رضي الله عنه، كأنْ لم يكن به وجع. انظر: البخاري برقم (٣٧٠١) . وكذلك تبرُّك الصحابيَّيْن - بلالِ بن رباح وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهما - بالشرب والإفراغ على الوجه والنحر من ماء بقدح قد غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم منه يديه ووجهه، ومجَّ فيه، وكذا فعلت بعدهما أم المؤمنين أمُّ سلمة رضي الله عنها. انظر صحيحي البخاري ومسلم، الأول برقم (٤٣٢٨) ، والثاني برقم (٢٤٩٧) . ومن ذلك أيضًا حين مجَّ النبي صلى الله عليه وسلم في بئر الحديبية، وكان الصحابة رضي الله عنهم قد نزحوها فلم يَدَعوا فيها قطرة، ففاضت البئر بالرَّواء، فاستقَوْا وكانوا أربع عشرة مئة، بل وروت ركائبُهم (دوابّهم) أيضًا. انظر: البخاري برقم (٣٥٧٧) . وقد عَدّ البخاري رحمه اللهتحنيك النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن الزبير - أول مولود ولد بعد الهجرة - عَدَّه من مناقب ابن الزبير رضي الله عنه وعن أبيه. وقالت عائشة رضي الله عنه: (فأول ما دخل بطنَه ريقُ النبي صلى الله عليه وسلم) . اهـ. انظر: البخاري، برقم (٣٩١٠) . وغير ذلك كثير مما صح في بركة ريق النبي صلى الله عليه وسلم.
(٤) أخرجه أحمد في المسند، (١/٣٧٢) ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال الأستاذ أحمد شاكر في شرحه للمسند (٥/١٧٧) : إسناده صحيح. وقال ابن كثير في «البداية والنهاية» (٥/١٩٣) : إسناده على شرط مسلم. اهـ. ... والمجّ: رميٌ بالشراب أو بالماء من الفم، ولا يكون مَجًّا حتى يباعد به. انظر: النهاية لابن الأثير (٤/٢٥٣) . والمقصود بالخطاب - (لولا أن تُغْلَبوا عليها) - هم بنو عبد المطّلب، لأن سقيا زمزم اختُصَّتْ بهم.

<<  <   >  >>