[٣٨٠٠] أفضل الذّكر الخ قَالَ بعض الْمُحَقِّقين انما جعل التهليل أفضل الذّكر لِأَن لَهَا تَأْثِيرا فِي تَطْهِير الْبَاطِن عَن الْأَوْصَاف الذميمة الَّتِي هِيَ معبودات فِي بَاطِن الذاكر قَالَ تَعَالَى أَفَرَأَيْت من اتخذ الله الهه هَوَاهُ فَيُفِيد عُمُوم نفي الالهة بقوله لَا اله وَيثبت الْوَاحِد بقوله الا الله وَيعود الذّكر من ظَاهر لِسَانه الى بَاطِن قلبه فيتمكن فِيهِ وَيَسْتَوِي على جوارحه وجد حلاوة هَذَا من ذاق وَقَوله وافضل الدُّعَاء الْحَمد لله إِنَّمَا جعل الْحَمد أفضل الدُّعَاء لِأَن الدُّعَاء عبارَة عَن ذكر الله وان يطْلب حَاجته وَالْحَمْد لله يشملها فَإِن من حمد الله إِنَّمَا يحمده على نعْمَة وَالْحَمْد على النِّعْمَة طلب مزِيد قَالَ تَعَالَى لَئِن شكرتم لازيدنكم طيبي مُخْتَصرا
قَوْله فعضلت على الْملكَيْنِ بِالْعينِ الْمُهْملَة وَالضَّاد الْمُعْجَمَة أَي صعبت وثقلت وَاصل العض لالمنع والشدة اعضل بِي الْأَمر إِذا ضَاقَ عَلَيْك فِيهِ الْحِيَل والداء العضال هُوَ مرض يعجز الْأَطِبَّاء فَلَا دَوَاء لَهُ كَذَا فِي الْمجمع (إنْجَاح)
قَوْله فَمَا نهنهها بنونين وهائين كزحزح أَي مَا منعهَا عَن الْوُصُول اليه شَيْء وَفِي الْقَامُوس نهنهه عَن الْأَمر فتنهنه كَفه وزجره فَكف واصله نهنه انْتهى (إنْجَاح)
[٣٨٠٥] الا كَانَ الَّذِي أعطَاهُ أفضل الخ فَإِن الْحَمد رَأس الشُّكْر كَأَنَّهُ أَرَادَ انه شكر بافض مِمَّا يشْكر بِهِ النَّاس وَهَذَا إِظْهَار لفضيلة الْحَمد والا فنعمة الله لَا يُعَاد لَهُ شَيْء فَكيف يكون أفضل وَإِنَّمَا فضل هَذَا القَوْل لِأَنَّهُ رَاجع الى الله تَعَالَى وَالنعْمَة نازلة مِنْهُ تَعَالَى اليه يصعد الْكَلم الطّيب وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ (إنْجَاح)
قَوْله الا كَانَ الَّذِي أعطَاهُ أفضل الخ فِي شعب الْإِيمَان للبيهقي قَالَ بن أبي الدُّنْيَا بَلغنِي عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة انه سُئِلَ عَن هَذَا الحَدِيث فَقَالَ لَا يكون فعل العَبْد أفضل من فعل الله فَقَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذِه غَفلَة من عَالم لِأَن العَبْد لَا يصل الى حمد الله وشكره الا بتوفيقه وَإِنَّمَا فَضله لما فِيهِ من حسن الثَّنَاء على الله تَعَالَى ومدحه إِيَّاه وَلَيْسَ ذَلِك فِي النِّعْمَة الأولى (زجاجة)
قَوْله
[٣٨٠٦] كلمتان خفيفتان الخ قَالَ الطَّيِّبِيّ الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جَرَيَان هَذَا الْكَلَام على اللِّسَان بِمَا يخف الْحَامِل من بعض المحمولات فَلَا يشق عَلَيْهِ فَذكر الْمُشبه وَالْمرَاد الْمُشبه بِهِ وَأما الثّقل فعلى حَقِيقَته لِأَن الْأَعْمَال تتجسم عِنْد الْمِيزَان انْتهى وَقيل توزن اصحائف الْأَعْمَال وَيدل عَلَيْهِ حَدِيث البطافة والسجلات (مرقاة)
قَوْله
[٣٨٠٨] عدد خلقه وَمَا بعده منصوبات على نزع الْخَافِض أَي بِعَدَد خلقه وَقيل على الصدرية أَي أعد تسبيحه بِعَدَد خلقه وبمقدار مَا يرضاه وبثقل عَرْشه يُقَال وزن الشَّيْء وزنا أَي ثقل وبمقدار كَلِمَاته وَهَذَا دُعَاء ومبالغة فِي تكثيرها كَأَنَّهُ تكلم بهَا بِهَذِهِ الْمِقْدَار فَلَا يتَّجه ان يُقَال انه مَا معنى اسبحه بِهَذَا الْمِقْدَار سَوَاء كَانَ خبر أَو إنْشَاء وَهُوَ لم يسبح الا وَاحِدًا فَافْهَم وَالْمرَاد بِكَلِمَات الله كَلَامه وَهُوَ صفته وَصِفَاته لَا تَنْحَصِر بِعَدَد فَذكر الْعدَد مجَاز للْمُبَالَغَة فِي الْكَثْرَة وَقيل المُرَاد الْقُرْآن وَقيل الْعلم كَذَا فِي اللمعات
قَوْله سُبْحَانَ الله مداد كَلِمَاته قَالَ النَّوَوِيّ المداد بِكَسْر الْمِيم قيل مَعْنَاهُ مثلهَا فِي الْعدَد وَقيل مثلهَا فِي انها لَا تنفد وَقيل فِي الْكَثْرَة والمداد هَهُنَا مصدر بِمَعْنى المدد وَهُوَ مَا كثرت بِهِ الشَّيْء قَالَ الْعلمَاء واستعماله هَهُنَا مجَاز لِأَن كَلِمَات الله تَعَالَى لَا تحصر بِعَدَد وَلَا غَيره وَالْمرَاد الْمُبَالغَة بِهِ فِي الْكَثْرَة لِأَنَّهُ ذكر اولا مَا يحصره الْعد الْكثير من عدد الْخلق ثمَّ زنة الْعَرْش ثمَّ ارْتقى الى مَا هُوَ أعظم ذَلِك وَعبر عَنهُ بِهَذَا أَي مَالا يُحْصِيه عدكما لَا تحصى كَلِمَات الله تَعَالَى انْتهى
قَوْله
[٣٨٠٩] ينعطفن حول الْعَرْش أَي يدرن والدوى الصَّوْت الْخَفي قَوْله تذكره بصاحبها أَي تذكر ربه بِحَال صَاحبهَا فَكَأَنَّهَا شَوَاهِد عَلَيْهِ ثمَّ بَين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتصريح اما يحب أحدكُم اسْتِفْهَام إِنْكَار فَكَأَنَّهُ قَالَ انه مَعَ هَذِه الْفَضِيلَة كَيفَ ينسى أحدكُم يغْفل عَن هَذَا الذّكر (إنْجَاح)
قَوْله
[٣٨١٥] اني لاستغفر الله الخ امتثاله لقَوْله جلّ ذكره فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ وَقواهُ تَعَالَى فَاعْلَم انه لَا إِلَه إِلَّا الله واستغفر لذنبك وَلِلْمُؤْمنِينَ وللمؤمنات ثمَّ الاسْتِغْفَار مِنْهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ انه قد غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه وَمَا تَأَخّر لَيْسَ لمغفرة الذُّنُوب فَإِن الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة والتسليمات معصومون من الْكَبِيرَة وَالصَّغِيرَة على الْأَصَح وَلَكِن لَا يخفى انه لَا بُد للنَّبِي من معاشرة الْأمة لتبليغ الاحكام وفيصلة خصوماتهم وَتَعْلِيم ادابهم فَفِي هَذِه الْحَالَات لَا بُد لَهُ من مُنَاسبَة بَينه وَبَين الْخلق وَهَذَا الِاشْتِغَال بالخلق يصرفهُ عَن الْمُشَاهدَة التَّامَّة فِي الْجُمْلَة لِأَنَّهُ نقص لَهُ بل هُوَ غَايَة مقاصده وَلَكِن يحصل بِهِ الفتور فِي الْحَالة السَّابِقَة فيلتجي الى الله تَعَالَى بالاستغفار لطلب الْحَالة السَّابِقَة وَهُوَ الْمعبر عَنهُ بالغين فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانه ليغان على قلبِي واني لاستغفر الله فِي الْيَوْم مائَة مرّة كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم وَلِهَذَا لما تمّ دينه وَفتح الْفتُوح حَتَّى مَكَّة شرفها الله تَعَالَى أَمر ان يتَوَجَّه الى الْحق بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّهُ رأى النَّاس يدْخلُونَ فِي دين الله افواجا فاشتغل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد فتح مَكَّة بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار لتَحْصِيل حَالَة الْمُشَاهدَة الْكَامِلَة ثمَّ هَذِه الدَّار لَيْسَ محلا لَهَا بل محلهَا الدَّار الْآخِرَة وَلذَا قَالَ الشَّيْخ المجدد رض ان رُؤْيَة الله تَعَالَى لم يكن فِي الدُّنْيَا لِأَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا لَا يُطِيقُونَ ذَلِك بل خرج رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِك الاوان عَن الْمَكَان وَالزَّمَان وَهَذَا سر لَا يَعْقِلهَا الا الْعَالمُونَ فَالْحَاصِل انه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتغل بعد الْفَتْح الى الْمُشَاهدَة الاخروية حَتَّى كَانَ يكثر يَقُول رب اغْفِر لي وَتب عَليّ انك أَنْت الغفور الرَّحِيم فَهَذَا كَانَ سَبَب الاسْتِغْفَار وللشراح فِي هَذَا الْمقَام تَحْقِيق آخر لسنا نعرج لذَلِك (إنْجَاح)
قَوْله