للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لعمرَ: كَيْفَ تفعل شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-؟ فَقَالَ عُمَرُ: هذا وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذلك، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أمرني به مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلَانِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ يراجعني حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما، فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الْعُسُبِ (١) وَاللِّخَافِ (٢) وَصُدُورِ الرِّجَالِ حتى وَجَدتُّ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مع أَبِي خُزَيْمَةَ الأنصاري (٣) لم أجدها مع أَحَدٍ غيره: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: ١٢٨] حتى خاتمة براءة، فكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ (٤) رضي الله عنه (٥).


(١) العسيب من النخل: بضم العين والسين، جمع عسيب، وهي جريدةٌ مستقيمةٌ دقيقةٌ يُكْشَطُ خُوصُهَا، فَيُكْتَبُ عَلَيْهَا. مقاييس اللغة: ٤/ ٢١٧ (ع س ب)، والصحاح: ١/ ١٦٢ (ع س ب)، والمحكم: ١/ ٣١٢ (ع س ب).
(٢) بكسر اللام ثم خاء معجمة خفيفة وآخره فاء، جمع لخفة، بفتح اللام وسكون المعجمة، وهي: الحجارة الرقاق. انظر: جمال القراء: ١٦٢، وفتح الباري: ١١/ ١٧١، والعين: ٤/ ٢٦٥ (ل خ ف)، والصحاح: ٣/ ١١٧٩ (ل خ ف)، ولسان العرب: ٩/ ٣١٥ (ل خ ف).
(٣) هو: أبو خزيمة بن أوس بن زيد، الأنصاري، ثم النَّجَّاري، شهد بدرًا والمشاهد كلها، توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه. أسد الغابة: ٥/ ٨٩ - ٩٠ (٥٨٤٣)، وسيرأعلام النبلاء: ٢٢٠.
(٤) هي: حفصة بنت عمر بن الخطاب، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أم المؤمنين، تزوجها سنة: (٣ هـ)، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيها، روى عنها أخوها عبد الله وخلقٌ، ماتت: ٤٥ هـ. السير: ٢/ ٢٢٧ - ٢٣١ (٢٥)، والإصابة: ١٣/ ٢٨٤ - ٢٨٨ (١١١٨٠).
(٥) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: جمع القرآن، رقم الحديث: (٤٦٠٣)، ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن: ٢/ ٩٢ - ٩٤، والسجستاني في المصاحف (٤٨ - ٥٨)، والداني في المقنع: ١/ ٣٣٤، غير أنه جعل الآية المفقودة، هي: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: ٢٣]، والوسيلة: ٦٤ - ٦٧.

<<  <   >  >>