للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٦٩ - فَهْيَ عَلَى مَعْهُودِهِمْ فِي شَأْنِهَا … لِذَلِكَ اهْتَدَوْا إِلَى بُرْهَانِهَا

٨٧٠ - وَكَانَ لِلْعُرْبِ عُلُومٌ وَهِمَمْ … مُقْتَضِيَاتٌ لِمَحَاسِنِ الشِّيَمْ

٨٧١ - فَصَحَّحَ الشَّرْعُ لِمَا مِنْهَا شَرَعْ … وَرَدَّ غَيْرَهُ بِأَنْ مِنْهُ مَنَعْ

٨٧٢ - أَمَّا الَّذِي يُعْزَى مِنَ الْعُلُومِ … إِلَيْهِمُ فَالْعِلْمُ بِالنُّجُومِ

وبذلك "فهي" أي الشريعة "على معهودهم" أي ما يعهدون في طرق فهمهم ودرجة إدراكهم للأشياء "في شأنها" أي شأن تبليغ مضامينها لهم، وبذلك تكون معجزة لهم، لأنه لم تكن على ما يعهدون، لم تكن معجزة لهم، ولكانوا يخرجون عن مقتضى التعجيز بقولهم؛ هذا على غير ما عهدنا، إذ ليس لنا عهد مثل هذا الكلام، من حيث أن كلامنا معروف، مفهوم عندنا، وهذا ليس بمفهوم ولا معروف، فلم تقم الحجة عليهم به لكن لما كان على ما هو معهود عندهم، ومعروف فهموا هذه الشريعة، "ثم لذلك اهتدوا" إلى درك ومعرفة "برهانها" وحجتها الموجبة لإذعانهم، بعد عجزهم عن الإتيان بمثل سورة مما قامت عليه الشريعة العظيمة.

"فصل"

في أن للعرب اعتناء بعلوم، وأنه كان لعقلائهم اعتناء بمكارم الأخلاق، واتصاف بمحاسن الشيم، فصححت الشريعة منها ما هو صحيح، وزادت عليه، وأبطلت ما هو باطل، وبينت منافع من ذلك، ومضار ما يضر منه.

قال رحمه الله في ذلك: "وكان للعرب علوم" أي اعتناء بعلوم "و" كذلك لهم "همم" - جمع همة بكسر الهاء وفتها - ما يهم بفعله ويعتنى بأمره "مقتضيات" بكسر الضاد - أي موجبات "لمحاسن الشيم" بكسر الشين، جمع شيمة، وهي الخلق - أي لمحاسن الأخلاق - الأخلاق الحسنة - ولما جاء الإسلام غربل هذا الذي هم عليه من الأخلاق والأحوال.

"فصحح الشرع لما" أي الذي هو "منها شرع" أي جعله مشروعا لكونه صحيحا في المعيار الشرعي، "ورد غيره" مما هو فاسد "بأن منه منع" وصرف الخلق عنه لحكمه بالبطلان. هذا شأن وحال ما عليه العرب من الأخلاق ما هم مطبوعون عليه من الشيم. "أما الذي يعزى" أي ينسب الاشتغال به "من العلوم إليهم فـ" إنه "العلم بالنجوم" وذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>