للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفساً، وأكثرهم براً، وأجملهم صفحاً، وأكثرهم عطاءً، فان البخل في الشرع منع الواجب، وعند العرب منع السائل مما يفضل عنده (١) ، والبخل مذموم صاحبه، يوصف به اللئيم ويتعالى عنه الكريم، فمن كان ذا فضل ومال وبخل به عند الحاجة إليه استُغني عنه قال الشاعر:

وَمَن يَكُ ذا فَضلٍ فَيَبخَل بِفَضلِهِ ... عَلى قَومِهِ يُستَغنَ عَنهُ وَيُذمَمِ

وَمَن يَجعَلِ المَعروفَ مِن دونِ عِرضِهِ ... يَفِرهُ وَمَن لا يَتَّقِ الشَتمَ يُشتَمِ (٢)

أما الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فانه يرى أن البخل شر الآفات فيقول:

إِذا اِجتَمَعَ الآفاتُ فَالبُخلُ شَرّها ... وَشَرٌّ مِنَ البُخلِ المَواعيدِ وَالمَطلُ (٣)

وفي أمثال العرب السائرة: "أبخل من مادر" وهو رجل من بني هلال ابن عامر بلغ بخله أنه سقى أبله فبقي في أسفل الحوض ماء قليل، فسلح فيه ومدر الحوض به، فسمي مادر لذلك، واسمه مخارق،

وفي الأمثال أيضاً: "ابخل من الضنين بنائل غيره" مأخوذ من قول الشاعر:


(١) - المصباح المنير ص (٢٨) .
(٢) - ورد هذان البيتان في ديوان زهير بن أبي سلمى ص (٨٠) ، وفي شرح المعلقات السبع منسوبه إلى زهير، وورد البيت الأول في ديوان مصطفى صادق الرافعي ضمن قصيدة مطلعها:
بلادي هواها في لساني وفي دمي ... يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي
وجاء بعده البيت الثاني المنسوب لزهير:
ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ ... إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم
وهو جميل ولعل الرافعي قد أورد البيت:
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضلهِ ... على قومهِ يستغنَ عنه ويذمم ... (على سبيل التضمين) .
(٣) - ورد هذا البيت في ديوان الإمام علي ص (١٨٥) ، وفي الموسوعة الشعرية منسوب إليه أيضا، وورد أيضا منسوبا إلى دعبل الخزاعي كما في ديوانه، وورد أيضا منسوباً إلى علي بن الجهم، ومنسوباً أيضا إلى الاقيشر الاسدي، والله اعلمً.

<<  <  ج: ص:  >  >>