للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلق الكريم المحافظة على مكارم الأخلاق]

الكريم يحافظ على الأخلاق الفاضلة، فهو محمود الأثر في الدنيا، مرضي العمل في العقبى، يحبه القريب والقاصي، ويألفه المتسخط والراضي، ويفارقه اللئام ويصاحبه العقلاء والكرام، والكريم يحفظ المروءة، ويقيل العثرة، ويتعفف عن الحرام، ولا يستطيل على اللئام، ولا يسن ما يعقب الوزر والإثم، ولا يفعل ما يقبح الذكر والاسم، وليس من عادة الكرام سرعة الانتقام، ولا من شروط الكرم إزالة النعم، والكريم من كبرت همته، لا من كبرت عمته فمن كبرت همته كثرت قيمته، ومن كرم خلقه وجب حقه، ومن ساء خلقه ضاق رزقه، ومن أجاب السفيه سفه، ومن اعرض عن جوابه نبه، ومن قابل السخيف سخف، ومن كرم عن مقابلته شرف، وإذا كرمت السجيه حسنت الطوية، ومن كرم حلم، ومن تمام الكرم إتمام النعم، والكريم لا يستخف بشريف، ولا يميل إلى سخيف.

وقد قيل: أن من مكارم الأخلاق الصون للعرض، والقيام للفرض، والأخذ بالفضل، والوفاء بالعهد، والانجاز بالوعد.

وقيل: في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق, وقال الأصمعي: سمعت سيداً من قيس يقول لقومه: إنما أنا رجل منكم، ليس لي فضل عليكم، ولكن أبسط لكم وجهي، وأبذل لكم مالي، وأحفظ حريمكم، واقضي حقوقكم، وأعود مرضاكم، واتبع جنائزكم، فمن فعل هذا فهو مثلي، ومن زاد عليه فهو خير مني، ومن قصر عنه فانا خير منه. قيل له: فما حملك على هذا؟ قال: أحثكم على مكارم الأخلاق (١) .


(١) - انس المسجون وراحة المحزون ص (٢١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>