للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ لِلمُتقِنِ عِندَ ... اللَهِ وَالناسِ ثَوابا

أَتقِنوا يُحبِبكُمُ اللَـ ... ـهُ وَيَرفَعكُم جَنابا

وما ينال الإنسان الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة إلا بالعمل, والعمل دعامة الحياة وقوامها, وأساس بناء المجتمعات واستقرارها, ونماؤها وازدهارها, وفي الذكر الحكيم: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} (١) .

[العمل سبب الغنى]

إذا أردت السلامة من الفاقة, والبعد عما يوجب الندامة, فاسعَ لكسب المال بأسبابه, وعليك بالعمل, وتجنب الكسل؛ فإن من زرع حصد, ومن جد وجد, ومن أراد أن يستغني عن الناس اجتهد, وفوض الأمر إلى الله واستعد, قال ربيعة بن الورد:

إذا المرء لم يطلب معاشاً لنفسه ... شكى الفقر أو لام الصديق فأكثرا

فسر في بلاد الله والتمس الغنى ... تعش في يسار أو تموت فتعذرا

وقال الحريري:

لا تقْعُدَنّ على ضُرٍّ ومسْغَبَةٍ ... لكيْ يُقالَ عزيزُ النّفسِ مُصطَبِرُ

وانظُرْ بعينِكَ هل أرضٌ مُعطّلةٌ ... منَ النّباتِ كأرضٍ حفّها الشّجَرُ

فعَدِّ عمّا تُشيرُ الأغْبِياءُ بهِ ... فأيُّ فضْلٍ لعودٍ ما لهُ ثمَرُ

وارْحَلْ رِكابَكَ عن ربْعٍ ظمئتَ به ... إلى الجَنابِ الذي يَهمي بهِ المطَرُ

واستَنزِلِ الرّيَّ من دَرّ السّحابِ فإنْ ... بُلّتْ يَداكَ بهِ فليَهنِكَ الظّفَرُ

وإنْ رُدِدتَ فما في الرّدّ مَنقَصَةٌ ... عليكَ قد رُدّ موسى قبلُ والخَضِرُ

وقال آخر:

ولا تدع مقصداً حلالاً ... تكون منه على بيانِ

أما علي بن الأزهر فهو يقول:

وعليَّ ان أسعى وأطلب مكسباً ... والرزق ما قسم الإله وما قضى

وفي الذكر الحكيم: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} (٢) , وظاهر النص يفيد أن الشريعة الإسلامية تحث على الانتاج والعمل واستثمار الموارد, وأهمية الحصول على الثروة والمال, وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالاستعاذة من الكسل فعن أنس بن مالك قال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو أُمَامَةَ, فَقَالَ: (يَا أَبَا أُمَامَةَ مَا لِي أَرَاكَ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الصَّلاةِ) , قَالَ: هُمُومٌ لَزِمَتْنِي وَدُيُونٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: (أَفَلا أُعَلِّمُكَ كَلامًا إِذَا أَنْتَ قُلْتَهُ أَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّكَ وَقَضَى عَنْكَ دَيْنَكَ) , قَالَ: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَالَ: (قُلْ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ) , قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمِّي


(١) - سورة القارعة الآيتان (٧و٨) .
(٢) - سورة الملك الآية (١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>