للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشاعر:

لاتسع للامر حتى تستعد له ... سعي بلا عدة قوس بلا وتر

لم ينج نوح ولم يغرق مكذبه ... حتى بنى الفلك بالالواح والدسر

[السنة النبوية ترشد إلى الأخذ بالأسباب]

الاعتماد على الله لايتعارض مع اتخاذ الأسباب واتخاذ الاحتياطات اللازمة فقد ارشد النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه إلى ذلك, ففي سنن الترمذي عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ قَالَ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ (١) , فالتوكل لايكون الا مع اتخاذ الاسباب الظاهرة, ولنا في رسول الله قدوة حسنة اذ اعد لهجرته من مكة إلى المدينة اعدادا محكما واخذ بكل سبب ممكن, ورغم ذلك فقد استطاع بعض فرسان قريش ان يصلوا إلى الغار ويقفوا على بابه حتى اصاب الصديق رضي الله عنه جزع او فزع ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم طمئنه وهو عند ذلك, وقد فوض الامر الى الله بعد اخذه بالأسباب وتوكله على الله القوي القادر على كل شيء, يقول لصاحبه قولا يذهب الحزن, ويبرؤ من الفزع والألم ما حكى القرآن الحكيم من الاحكام والحكم: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٢) .


(١) - الترمذي حديث رقم (٢٤٤١) .
(٢) - سورة التوبة الاية (٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>