للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يقم بها كان رجاؤه تمنيّا, كما أن من عطّلها يكون توكله عجزا وعجزه توكلا (١) .وذلك حق, فالأدب الذي ارشدت الشريعة الاسلامية اليه هو اتخاذ الاسباب بحسب ما يعلمه الانسان من سنن الله تعالى في نظام الاسباب وارتباطها بالمسببات معتقدا ان الاسباب مايعقل منها وما لايعقل لم تكن اسبابا الا بتسخير الله تعالى, وان مايناله باستعمالها فهو من فضل الله الذي سخرها وجعلها اسبابا وعلمه ذلك, فتبارك الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم, قال الشيخ محمد رضى: وَأَمَّا تَرْكُ الْأَسْبَابِ وَتَنَكُّبُ سُنَنُ اللهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ وَتَسْمِيَةُ ذَلِكَ تَوَكُّلًا فَهُوَ جَهْلٌ بِاللهِ وَجَهْلٌ بِدِينِهِ وَجَهْلٌ بِسُنَنِهِ الَّتِي أَخْبَرْنَا بِأَنَّهَا لَا تَتَبَدَّلُ وَلَا تَتَحَوَّلُ (٢) ويرحم الله الامام الشوكاني: حيث يقول:

لَقَدْ عَجِبْتُ ومَا في الدَّهْرِ منْ عَجَبِ ... فَشَأْنُهُ غَيْرُ مُحْتاج إِلى الْعَجَبِ

لَكِنْ إذا خَفِيَتْ أسْبابُ حادِثَةٍ ... كانَ التَّعَجُّبُ مَحْمولاً على السَّبَبِ (٣)

وفي الامثال السائرة: احفظ مافي الوعاء بشد الوكاء, وقديما قيل لاتشرب السم اتكالا على الترياق, ومن تذكر بُعد السفر استعد, وفي امثال العرب: من الكَيس ختم الكِيس (٤) وذلك لاينافي التوكل, وان من الحزم الاخذ بالاسباب.


(١) - القوائد لابن القيم ج ١ ص ٨٨.
(٢) - المنار ج٩ ص (٤٩٣-٤٩٤) .
(٣) - انظر ديوان الامام الشوكاني.
(٤) - معجم كنوز الامثال ص ١١٢, مصدر سابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>