للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القلم]

القلم صائغ الكلام, والمعبر عن أجمل البيان بما يخطه من أفصح الكلام, فيظهر ما في النفس من المعاني التي تشرق بها الآمال, وتتحقق بها الأعمال, فهو ترجمان القلب وبريد اللسان, وقد نسب إلى بعض ملوك اليونان أنه قال: "أمر الدنيا والدين تحت شيئين: قلم وسيف, والسيف تحت القلم" (١) , وبالقلم تحفظ العلوم وتعلّم, وتدون الأفكار وتنشر, ولولاه لما انتظم عقد البيان, ولما شاع العلم بين الأنام, فبه خطت المقادير, وأجريت التدابير, وهو أول ما خلق الله العزيز القدير, وفي الحديث الشريف: (إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ, قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) (٢) , وأول ما نزل من القرآن الكريم قول العزيز الحكيم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (٣) , وفي ذلك دليل وبرهان على عظيم تكريم الله تعالى للإنسان الذي علّمه بالقلم ما لم يكن يعلم, ألا ترى أن الحق سبحانه وتعالى أمر نبيه بالقراءة باسمه تبارك وتعالى, ثم ذكر التفضيل على عباده بخلقه إياهم, وما ندبهم له بذلك من البقاء الدائم والنعيم المتصل, لمن آمن به ووحده وصدّق نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم أتبع ذلك بذكر الإنعام عليهم بما


(١) - انظر أدب الكتاب تأليف الإمام أبي بكر محمد بن يحيى بن عبد الله الصولي المتوفى سنة ٣٣٥هـ شرح وتعليق احمد حسن لبج, ص٣٦, الناشر: دار الكتب العلمية بيروت لبنان, الطبعة الأولى ١٤١٥هـ.
(٢) - أخرجه أبو داود في سننه باب في القدر حديث (٤٠٧٨) .
(٣) - سورة العلق الآيات (١-٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>