للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد صرف سؤاله ورغبته الى محاب الله ورسوله وذلك مايجعله قريبا من ربه السميع القريب المجيب, فاكثر مايحتاج اليه الإنسان هو ان يدعو ربه ويعلم انه سميع مجيب, ويعلم انه قوي قدير, فبالدعاء يتوجه الداعي الى معان كثيرة فهو يسأل سميعا قريبا مجيبا غنيا رحيما كريما, فزوال الكون اهون على الله من ان تدعوه فلا يستجيب لك فهو اما ان يطمئنك, وإما ان يعطيك, وإما ان يلقي في روعك ان هذه الحاجة لاتناسبك, فالله حيي كريم يستحيي اذا رفع الرجل اليه يديه ان يردهما صفرا خائبتين كما ورد ذلك في الحديث النبوي, فتقرب الى الله بمحابه, وصلِّ على نبيه وثق باجابته, فان الله معك يسمع ويرى, فهو قريب منك فتعرف على اسمه القريب المجيب, واجعل بربك كل عزك, يستقر ويُثب, وتدبر قول المجيب القريب {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (١) .

[القريب المجيب من اسماء الله الحسنى]

اسم الله القريب المجيب ذكر في القرآن الكريم, ففي سورة هود يقول سبحانه: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (٢) وقال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (٣) , وورد في السنة النبوية في حديث ابي هريرة عند الترمذي ان لله تسعة وتسعين اسما عد منها (المجيب) , وفي حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه عند البخاري ومسلم قال كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَكُنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وَادٍ هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُنَا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا إِنَّهُ مَعَكُمْ إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدُّهُ) (٤) وفي رواية (إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ عُنُقِ رَاحِلَتِهِ) (٥) ومعنى القريب في حق الله سبحانه وتعالى انه قريب بعلمه من خلقه قريب ممن يدعوه بالاجابة, وقال القحطاني: وقربه نوعان: قرب عام وهو إحاطة علمه بجميع الأشياء، وهو أقرب إلى الإنسان من حبل الوريد وهو بمعنى المعية العامة وقرب خاص بالداعين والعابدين المحبين، وهو قرب يقتضي المحبة والنصرة والتأييد في الحركات والسكنات والإجابة للداعين والقبول والإثابة للعابدين (٦) , فسبحان من هو علي في دنوه, قريب في علوه, اما اسمه سبحانه وتعالى المجيب فيعني ان الله سبحانه وتعالى يعطي السائل مطلوبه ويقابل مسألة السائلين بالاجابة, قيل اجابته نوعان: إجابة عامة لكل من دعاه دعاء عبادة أو دعاء مسألة، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) فدعاء المسألة أن يقول العبد اللهم أعطني كذا أو اللهم ادفع عني كذا، فهذا يقع من البر والفاجر، ويستجيب الله فيه لكل من


(١) - سورة البقرة الآية (١٨٦) .
(٢) - سورة هود الآية (٦١) .
(٣) - سورة البقرة الآية (١٨٦) .
(٤) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٢٧٧٠) ومسلم في صحيحه حديث رقم (٤٨٧٣) .
(٥) - مسند الامام احمد بن حنبل حديث رقم (١٨٧٧٤) ومسلم في صحيحه حديث رقم (٤٨٧٤) .
(٦) - شرح اسماء الله الحسنى, ص١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>