للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسباب الكبر]

إذا كان العجب والغرور من أسباب الكبر فإن العاقل من لا يغتر بجاهه ولا ماله, ولا بحسبه ولا بنسبه, ولا برئاسته ولا بملكه, ولا بقوته ولا بشدة بطشه, ولا بأتباعه ولا بأنصاره, ولا بتلاميذه ولا بغلمانه, ولا بعشيرته ولا بقرابته, ولا بجماله ولا بكماله, ولا بزهده ولا بعبادته, فكيف يغتر العاقل بنعم ليس له في تكوينها يد, وإنما الفضل في ذلك كله لمستحق الكبرياء الواحد الأحد, ومع ذلك فإنه لا يخلو عن رذيلة الكبر, واستمالة قلوب الناس؛ شريف ولا وضيع, إلا من وفقه الله فسلك طريق المتقين, فمن احتقر الناس فهو خبيث الدخلة, رديء النفس, سيء الخلق, ومن تكبر على العباد واستصغرهم وأنف من مساواتهم فقد نازع الله في صفة لا تليق إلا بجلاله, وفي الحديث القدسي: (الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته) (١) أي أنه خاص بالله لا يليق منازعته فيه, وإذا كان الكبر على عباد الله لا يليق إلا بالله, فمن تكبر على عباده فقد نازع الله في حقه.

ومما تعظم به رذيلة الكبر أنه يدعو إلى مخالفة الله في أمره ونهيه؛ لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد الله استنكف عن قبوله, وشمر لجحده, واحتال لدفعه بما يقدر عليه من التلبيس, وذلك داء إبليس الذي تكبر على آدم وقال:


(١) - الحاكم في المستدرك حديث (١٩٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>