للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثمرة معرفة اسمه تعالى الرفيق]

إذا عرف الإنسان أن الله جل وعلى رفيق يحب الرفق ويثيب عليه ما لا يثيب على غيره، ويسهل من المطالب ما لا يتأتى لغيره تحلى بالرفق في أقواله

وأفعاله، فكان لين الجناب بالقول والفعل واخذ بالأسهل والأيسر من الأمور، فمن تدبر المخلوقات كلها وعرف أن الله خلقها شيئاً فشيئاً بحسب حكمته ورفقه مع قدرته على خلقها دفعة واحدة، وجب عليه أن يكون رفيقاً في أقواله وأفعاله وترك العجلة في أموره وجميع أحواله لأن العجلة من الشيطان، فمن تعجّل في أموره وأحواله قل ما تفارقه الخيبة والخسران، ومن تدبر الشرائع كيف أتى بها الله شيئاً بعد شيء شهد من ذلك العجب العجيب.

فالمتأني الذي يأتي الأمور بسكينه ووقار إتباعاً لسنن الله في الكون وإتّباعاً لهدي نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم سيجد أن بهديه وطريقه تتيسر له الأمور، وبالأخص الذي يحتاج إلى أمر الناس ونهيهم وإرشادهم فانه مضطر إلى الرفق واللين (١) ، وفي الذكر الحكيم {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (٢) .

ومن أذاه الخلق بالأقوال البشعة وصان لسانه عن مشاتمتهم، ودافع عن نفسه برفق ولين، اندفع عنه من أذاهم ما لا يندفع بمثل مقالهم وفعالهم، ومع ذلك فقد كسب الرحمة والطمأنينة والرزانة والحلم (٣) ، وفي الذكر الحكيم: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ


(١) - شرح أسماء الله الحسنى للقحطاني ص (١٨٤) .
(٢) - سورة النحل (١٢٥) .
(٣) - الحق الواضح المبين ص (٦٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>