للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا، واجل ما يدخر لها في العقبى هو لزوم الكرم، ومعاشرة الكرام، لان الكريم يحسن الذكر، ويشرف القدر، وهو طباع ركبها الله في بني آدم، فمن الناس من يكون أكرم من أبيه، ... وربما كان الأب أكرم من ابنه، وربما كان المملوك أكرم من مولاه، ورب مولى أكرم من مملوكه، قال الشاعر:

رب مملوك إذا كشفته ... كان من مولاه أولى بالكرم

فهو ممدوح على أحواله ... وترى مولاه يهجى ويذم

وتراه كيف يعلو دائماً؟ ... وترى مولاه من تحت القدم

وفتى تلقى اباه دونه ... وابا تلقاه اعلى واتم

من بنيه، ثم لا يعتلُّ ان ... طلب المعروف منه بالصمم

وكذلك الناس -فاعلم- ربُّنا ... قدر الاخلاق فيهم وقسم (١)

[فخر الرجال كرمهم]

الكرم هو الصفح والعطاء والبذل والسخاء، واصطناع المعروف، والكريم يجازي على الصنيعة ويثني على من يولي الجميل، وليس كرم الرجال بصباحة وجوههم. قال الشاعر:

وما عظم الرجال لهم بفخر ... ولكن فخرهم كرم وخير (٢)

أما المتنبي فهو يقول:

وَما الحُسنُ في وَجهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ ... إِذا لَم يَكُن في فِعلِهِ وَالخَلائِقِ


(١) - روضة العقلاء ص (١٣٨) .
(٢) - من شعر الحكمة لعباس بن مرداس.

<<  <  ج: ص:  >  >>