للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (١) وقال سبحانه: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} (٢) وورد في السنه النبوية: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ) (٣)

وقد علم من هذه النصوص ان الاسماء الحسنى تضاف الى اسم الله جل جلاله فهو الاسم الجامع فيقال: الرحمن الرحيم العزيز الغفار من اسماء الله ولا يقال: الله من اسماء الرحمن فعلم انه اسم الله مستلزم لجميع معاني الاسماء الحسنى, دال عليها بالاجماع, والاسماء الحسنى تفصيل وتبيين لصفات الالهية, التي اشتق (٤) منها اسم الله واسم الله دال على كونه مألوها معبودا, تألهه الخلائق محبة وتعظيما وخضوعا, وفزعا اليه في الحوائج والنوائب (٥) وقال الغزالي: اعلم أن هذا الإسم أعظم أسماء الله عز وجل التسعة والتسعين لأنه دال على الذات الجامعة لصفات الإلهية كلها حتى لا يشذ منها شيء وسائر الأسماء لا يدل آحادها إلا على آحاد المعاني من علم أو قدرة أو فعل أو غيره ولأنه أخص الأسماء إذ لا يطلقه أحد على غيره لا حقيقة ولا مجازا وسائر الأسماء قد يسمى به غيره كالقادر والعليم والرحيم وغيره فلهذين الوجهين يشبه أن يكون هذا الاسم أعظم هذه الأسماء (٦) .

[ثمرة معرفة اسم الله الجامع للاسماء الحسنى]

اذا علم المكلف ان لا اله الا الله ولا معبود بحق الا الله ولا خالق ولا معطي الا الله فهو المانع الخافض الرافع, المعز المذل, العزيز الجبار, القهار المتكبر, وان (الله) علم على الذات الكاملة علم على الخالق, علم على البارئ, المصور, المسير, العزيز, الجبار, الكبير المتعال, وان اسماء الله الحسنى كلها جمعت في (الله) المتصف بصفات الوجود, وصفات الكمال, وصفات الوحدانية وجب عليه ان يؤمن به وحده لاشريك له وان يطيعه ويحبه فمن اطاع ولم يحب لم يعبد الله, فالعبادة هي الحب مع غاية الطاعة وان يردد كلمة التوحيد فهي افضل الذكر فهي كلمة التوحيد وشعار الإسلام فالاسلام كله والايمان كله والاحسان كله, جمع في هذه الكلمة فهي حصن الله ومن دخل حصنه امن من عذابه وقد جاء في الحديث القدسي: (لا إله إلا الله حصني فمن دخله أمن عذابي) (٧) فهي افضل


(١) - سورة الاعراف الآية (١٨٠) .
(٢) - سورة طه الآية (٣) .
(٣) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٢٥٣١) .
(٤) - اختلف العلماء حول حول اشتقاق هذا الاسم فقال ابن كثير لا يعرف لهذا الاسم من كلام العرب اشتقاق. نقله القرطبي عن جماعة من العلماء منهم الشافعي والخطابي, وامام الحرمين والغزالي, وغيرهم.. قال الخطابي: الا ترى انك تقول: (يالله) ولاتقول: "يا الرحمن" فلولا انه من اصل الكلمة- أي الالف واللام- لما جاز إدخال حرف النداء على الالف واللام , وقيل: إنه مشتق ... فقد يكون من:
أ- التأله من انه أله يأله إلاهّا وتألها كما روى عن ابن عباس أنه قرأ (ويذروك وآلهتك) قال عبادتك أي انه كان يُعبد ولا يَعبدُ.
ب- وقد يكون من (إلاه) مثل فعال فأدخلت الالف واللام للتعظيم وهذا قول الخليل.
ج- وقد يكون من (إلإله) وإدغمت اللام الأولى في الثانية بعد حذف الهمزة.
د- وقيل: هو من (وله) وهو ذهاب العقل والحيرة, فالله تعالى يحيرهم في حقائق صفاته.
هـ- وقال الرازي: أنه مشتق من (ألهت إلى فلان) أي (سكنت إليه) انتهى.
(٥) - الجامع لاسماء الله الحسنى ص١٢.
(٦) - المقصد الأسنى في شرح معاني أسماء الله الحسنى - للغزالي محمد بن محمد الغزالي أبو حامد, ص٦١ , الناشر: الجفان والجابي - قبرص الطبعة الأولى، ١٤٠٧ - ١٩٨٧ تحقيق: بسام عبد الوهاب الجابي.
(٧) - مسند الشهاب للعلامة /محمد بن سلامة بن جعفر أبو عبد الله القضاعي, باب لا اله الا الله حديث رقم (١٤٥١) ج٢/ص ٣٢٣. الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة الثانية، ١٤٠٧ - ١٩٨٦ تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي

<<  <  ج: ص:  >  >>