للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عذاب الله وخروج من المحنة والابتلاء, وفي الذكر الحكيم: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (١) فقد كان في هذا الاعتراف الفرج بعد الشدة والنجاة من الغم والفوز برضاء الله سبحانه وتعالى, وفي قوله جل وعلا {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} ارشاد للمؤمنين باتباع هذا النهج السوي الذي به الخروج من المضائق والفتن والمحن, وبه النجاة من النار, فاذا كان الاعتراف امام طبيب نفسي يشفي من كثير من الامراض النفسية مع ان الطبيب لايملك لنفسه فضلا عن غيره ضرا ولا نفعا الا بما شاء الله وقدّر, فكيف بالانسان اذا توجه لطلب المغفرة من الله, وقد ارشده الى ذلك, فهو الرب الكريم الرحيم, الذي يملك العفو, ويملك الشفاء, وبيده خير الدنيا والاخرى, وقد هدى ادم ودله على الاعتراف والاستغفار من الذنب قال تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٢) فنادى ادم وحواء ربهما بما حكاه الله سبحانه وتعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣) وهذا نوح عليه السلام يقول {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارً} (٤) ولكن الاستغفار يتطلب التوبة بعده بالرجوع الى الله سبحانه وتعالى لكي ينال الانسان السعادة: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (٥) ففي الاستغفار والتوبة الحصول على رضوان الله واحسانه وزوال الضيق وذهاب الهم والحزن والاستقامة في الحال والطاعة لله سبحانه وتعالى والتوسعة في الرزق وتبديل السيئات بالحسنات, فسارع الى طلب المغفرة لتفوز بالشفاء من امراض النفس واوهامها وعللها وادوائها لكي تعيش سعيدا رشيدا امنا معافا في الدنيا والاخرة وفي الذكر الحكيم: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (٦)

[الاستغفار وعمل الخير فيه تكفير للذنب]

ايمان الانسان بأن الله سبحانه وتعالى يغفر الذنب ويخلص الانسان من الاثام ويجعل منه انسانا سويا يحب الله ويحب الخير لعباده, وقد جعل الله فرصة التطهر والتخلص من الاثام ممزوجة بالتزود من الحسنات, ففعل الخير للناس فيه تكفير للاثم وحث على عمل الصالحات, وفي الذكر الحكيم: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (٧) فايمان الانسان بأن الحسنات تذهب السيئات تجعل منه انسانا قادرا على النهوض من كبوته والخروج من محنته حتى وإن زلت قدمه ووقع في خطيئة استغفر واناب وفي القرآن العظيم: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ


(١) - سورة الانبياء الاية (٨٧-٨٨) .
(٢) - سورة البقرة الاية (٣٧)
(٣) - سورة الاعراف الاية (٢٣)
(٤) - سورة نوح الايايات (١٠-١٢)
(٥) - سورة هود الاية (٣) .
(٦) - سورة آل عمران الاية (١٣٣) .
(٧) - سورة هود الاية (١١٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>