للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كل إناء يفرغ فيه شيء يضيق إلا القلب, فإنه كلما أفرغ فيه علم اتسع (١) , وقد جاء في محكم التنزيل: {فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} (٢) .

[ترك المعاصي سبب في حفظ العلوم وجمعها]

قال أبو حاتم: الواجب على العاقل مجانبة ما يدنس علمه من أسباب هذه الدنيا, مع القسط في لزوم العمل بما قدر عليه, فمن عجز عن العمل بما جمع من العلم؛ فلا يجب أن يعجز عن حفظه, وفي أمثال العرب: "عقرة العلم النسيان", وفي الذكر الحكيم: {سَنُقْرِؤُكَ فَلاَ تَنسَى} (٣) , وجاء في شعر محمد بن بشير الخزاعي:

أما لو أعي كل ما أسمع ... وأحفظ من ذاك ما أجمع

ولم أستفد غير ما قد جمعت ... لقيل هو العالم المقنع (٤)

ولكن نفسي إلى كل شيء ... من العلم تسمعه تنزع

وأحضر بالجهل في مجلسي ... وعلمي في الكتب مستودع

فلا أنا أحفظ ما قد جمعت ... ولا أنا من جمعه أشبع

ومن يك في علمه هكذا ... يكن دهره القهقرى يرجع

إذا لم تكن حافظاً واعياً ... فجمعك للعلم لا ينفع (٥)


(١) - محاضرات الأدباء ص٢٢.
(٢) - سورة الزمر الآيتان (١٧و١٨) .
(٣) - سورة الأعلى الآية (٦) .
(٤) - مقنع كمقعد: أي رضي يقنع به.
(٥) - انظر: روضة العقلاء ص٣٥, ونسبت الأبيات أيضاً لمحمد بن يسير الرياشي, والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>