للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثا: كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه, ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى " سماعون للكذب أكالون للسحت " وقال عز وجل " لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ".

رابعا: كف بقية الجوارح من اليد والرجل عن الآثام والمكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار.

خامسا: أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلىء جوفه.

سادسا: أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقاً مضطرباً بين الخوف والرجاء إذ ليس يدري أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين؟ (١) قال الشاعر:

اذا لم يكن في السمع مني تصامم ... وفي مقلتي غض وفي منطقي صمت

فحظي اذا من صومي الجوع والظما ... وان قلت اني صمت يوما فما صمت

[السحور بركة]

لقد حث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على السحور لما فيه من قيام الليل ووجود فرصة لذكر الله وتسبحيه وتمجيده, والتهجد له وقراءة القرآن والاستعداد لصلاة الفجر وغير ذلك من اعمال رمضان الخيرية, وما اوقات رمضان الا سوق نافقة تشرى فيه المحامد, وتكتسب فيها المكارم وتشاد فيها الصالحات, وفي الحديث النبوي: نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ) (٢) وقد اجمع اساطين الحكماء وفطاحل العلماء ومهرة الاطباء على نفع التمر وغذائة, فقد اودع فيه الخالق من الخفة والسهولة في الهضم ما يعين الصائم على صيامه وقيامه, فلا تترك سنة تعجيل الافطار وتاخير السحور فذالك من سنة المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولاتنس الذكر والاستغفار والدعاء في الأسحار ففي ذلك خير الدنيا والاخرة, قال الشاعر:

والذِّكرُ فيه حَيَاةٌ لِلقُلُوبِ كما ... يُحيِي البِلادَ إذا ما ماتَت المَطَرُ (٣)

بالصوم تغفر الذنوب

في الصوم ثواب كبير واجر جزيل فمن صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ذنبه, فالصائم تتنزل عليه رحمات الله, والصائم له عند فطره دعوة مستجابة, فرمضان كله خير وموسم عبادة, وفيه ليلة خير من الف شهر, فليلة القدر فيه وهي هبة من الله لهذه الأمة, فاحرص على قيامها وتمتع بلذة المناجاة فيها, وفي الحديث النبوي: (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (٤) وفي حديث اخر: (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) (٥) فاحرص على الطاعات في شهر الصيام قبل


(١) - احياء علوم الدين للغزالي ج ١/ ص٢٤٥ بتصرف.
(٢) - سنن ابي داود حديث رقم (١٩٩٨) .
(٣) - هذا البيت لسابق البريبري.
(٤) - البخاري في صحيحه حديث رقم (٣٧) .
(٥) - مسلم في صحيحه حديث رقم (١٢٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>