للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من استعمل قلبه وسمعه وبصره, وذم من لاينتفع بها فقال: {فتكون لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (١) وقال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (٢) فالسمع والبصر كالاخوين يخدم كل واحد منهما صاحبه في ادراكه, وقد ينوب السمع عن البصر في ابلاغ القلب بما ياخذه, فاستخدم هذه النعمة, واجعل قلبك سعيدا تسعد, فاذا اسلم قلبك, وسلم فقد سعدت, فتدبر قول العزيز الحكيم: {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (٣) وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّكُمْ جِئْتُمْ مِنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيد، فَأَنْضَيْتُمَ الظَّهْرَ وَأَخْلَقْتُمَ الثِّيَابَ، وَلَيْسَ السَّعِيدُ مَنْ سَبَقَتْ دَابَّتُهُ، أَوْ رَاحِلَتُهُ، وَلَكِنَّ السَّعِيدَ مَنْ تُقُبِّلَ مِنْهُ.

[الشقي من طبع على قلبه]

الشقي من عصى ربه, واطاع الشيطان عدوه, وكثر شره, وعق اهله, والشقي من طبع على قلبه ونسي عقاب ربه, فهو شقي في عمله, شقي في نفسه, شقي في بلده ومجتمعه, منغمس في الشهوات المحرمة, متبع لهواه, ومعرض عن ذكر مولاه, فمعيشته ضنكه, وإن عمر القصور, ونكح اشباه الحور, فمتاعه يسير وعيشه حقير, وحسابه غير يسير, فهو يستعجل العذاب


(١) - سورة الاعراف الاية (١٧٩) .
(٢) - سورة الحج الاية (٤٦) .
(٣) - سورة الشعراء الاية (٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>