[إنفاق المال في وجوه البر]
إن إنفاق المال في وجوه البر يطيل العمر, ويكسب المودة, ويحصن المال
من الجوائح, ويسعد الخلق, ويرضي الخالق, فتمتع به في غير إسراف ولا تبذير, وسارع إلى إنفاقه في وجوه الخير والبر كله, ولله در القائل:
اِسعَد بِمالِكَ في الحَياةِ فَإِنَّما ... يَبقى خِلافكَ مُصلِحٌ أَو مُفسِدُ
فَإِذا جمعت لِمُفسِدٍ لَم يُبقِهِ ... وَأَخو الصَلاحِ قَليلُهُ يَتَزَيَّدُ (١)
أما ابن الرومي فهو يقول:
أنْفِق المالَ قبل إنفاقكَ العمـ ... ـرَ ففي الدهر ريبُهُ ومَنونه
قلَّ ما ينفع الثراءُ بخيلاً ... عَلِقَتْ في الثَّرَى المهيلِ رُهونه
ولأبي العتاهية:
المالُ ما كانَ قُدّامي لآخِرَتي ... ما لَم أُقَدِّمهُ مِن مالي فَلَيسَ لِيَه
وله أيضاً:
يا جامِعَ المالِ في الدُنيا لِوارِثِهِ ... هَل أَنتَ بِالمالِ بَعدَ المَوتِ تَنتَفِعُ
وينهى أبو العتاهية عن إمساك المال, فحسب الإنسان أن يحصل على الري والشبع فيقول:
لا تُمسِكِ المالَ وَاِستَرضِ الإِلَهَ بِهِ ... فَإِنَّ حَسبَكَ مِنهُ الرَيُّ وَالشَبَعُ
وقال أيضاً:
الحَمدُ لِلَّهِ كُلٌّ زائِلٌ بالِ ... لا شَيءَ يَبقى مِنَ الدُنيا عَلى حالِ
(١) - أورد هذين البيتين صاحب العقد الفريد ابن عبدربه ج١ص١٥٢. وينسبان لمحمود الوراق.