للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلح من اعماله قبل ان يلومه صديق ناصح او عدو كاشح, فمن اصلح نفسه صلح له اخوانه وكان الناس تبعا له, وقديما قيل: اربعة تدل على صحة الراي: طول الفكر, وحفظ السر, وفرط الاهجتهاد, وترك الاستبداد (١) ,وقال الشاعر:

اذا نصحت لذي عجب لترشده ... فلم يطعك فلا تنصح له أبدا

فإن ذا العجب لا يعطيك طاعته ... ولا يجيب إلى ارشاده احدا

[الغش في النصيحة]

الغش في النصيحة خيانة, وتضييع للأمانه, ولكن قد يستغش الناصح ولايصغى إلى نصيحة الرجل الصالح, وقديما قيل: وقد يستغش المرء من لايغشه, ويقبل نصيحة عدوه: قال محمد بن زنجي البغدادي الشاعر:

فكم من عدو معلن لك نصحه ... علانية والغش تحت الاضالع

وكم من صديق مرشد قد عصيته ... فكنت له في الرشد غير مطاوع

وما الأمر إلا بالعواقب إنها ... سيبدو عليها كل سر وذائع

واما ابن المقرب فهو يقول:

وَمَن يَستَمِع في قَومِهِ قَولَ كاشِحٍ ... أُصيبَت كَما شاءَ المُعادي مَقاتِلُه

وَما كُلُّ مَن يُبدي المَوَدَّةَ ناصِاً ... كَما لَيسَ كُلُّ البَرقِ يَصدُقُ خائِلُه (٢)


(١) - الفرائد والقلائد ص٧١.
(٢) - هذان البيتان لابن المقرّب العيوني٥٧٢ - ٦٢٩ هـ / ١١٧٦ - ١٢٣١م علي بن المقرب من منصور بن المقرب بن الحسن بن عزيز بن ضبّار الربعي العيوني جمال الدين أبو عبد الله. شاعر مجيد، من بيت إمارة، نسبته إلى العيون (موضع بالبحرين) وهو من أهل الأحساء في السعودية، أضطهده أميرها أبو المنصور علي بن عبد الله بن علي وكان من أقاربه، فأخذ أمواله وسجنه مدة. ثم أفرج عنه فأقام على مضض، ورحل إلى العراق، فمكث في بغداد أشهراً، وعاد فنزل هجر ثم في القطيف، واستقر ثانية في الأحساء محاولاً استرداد أمواله وأملاكه ولم يفلح. وزار الموصل سنة ٦١٧هـ، للقاء الملك الأشرف ابن العادل، فلما وصلها كان الأشرف قد برحها لمحاربة الإفرنج في دمياط. واجتمع به في الموصل ياقوت الحموي، وروى عنه بيتين من شعره، وذكر أنه مدح بالموصل بدر الدين - لؤلؤاً - وغيره من الأعيان.

<<  <  ج: ص:  >  >>