للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكيم: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (١) واذا كان الله سبحانه وتعالى حي متصف بالحياة والقدرة والقوة والبقاء فهو الذي لم يسبق وجوده عدم ولا يلحق بقاؤه فناء, وهو الذي خلق الموت والحياة وبيده المنع والعطاء, وهو الذي يحيي من يشاء ويميت من يشاء, فانه خليق بالانسان العاقل ان يؤمن به سبحانه وتعالى, وان يتعرف عليه وعلى اسمه الحي القيوم, وان يدعوه, ويساله الحياة الطيبة ويتوكل عليه سبحانه وتعالى, وفي التنزيل يقول العزيز الرحيم: {الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ * نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ * مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ * إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٢) وفي سورة الفرقان يقول الكريم المنان: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا} (٣) وفي سورة غافر يقول جل شانه: {هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (٤) .

[الحي القيوم في اسماء الله الحسنى]

الحي القيوم من اسماء الله الحسنى وقد جاء الاسمان متلازمان في ثلاثة مواضع في كتاب الله في قوله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} (٥) وقوله تعالى {الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (٦) وقوله تعالى: {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} (٧) و (الحي القيوم) جمعهما في غاية المناسبة كما جمعهما الله في عدة مواضع في كتابه، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال، فالحي هو كامل الحياة، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم، والعزة، والقدرة والإرادة، والعظمة، والكبرياء، وغيرها من صفات الذات المقدسة، والقيوم هو كامل القيومية وله معنيان: هو الذي قام بنفسه، وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته. وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات، فهو الذي أوجدها وأمدها وأعدها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها، فهو الغني عنها من كل وجه وهي التي افتقرت إليه من كل وجه، فالحي والقيوم من له صفة كل كمال وهو الفعال لما يريد (٨) , وقال الطبري: وأما قوله:"الحي" فإنه يعني: الذي له الحياة الدائمة، والبقاء الذي لا أول له بحد، ولا آخر له بأمد، إذ كان كل ما سواه فإنه وإن كان حيا فلحياته أول محدود وآخر ممدود، ينقطع بانقطاع أمدها، وينقضي بانقضاء غايتها (٩) , وقال الزمخشري:


(١) - سورة الانعام الاية (١٢٢) .
(٢) - سورة آل عمران الاية (١-٦) .
(٣) - سورة الانفال الاية (٥٨) .
(٤) - سورة غافر الاية (٦٥) .
(٥) - سورة البقرة الاية (٢٥٥) .
(٦) - سورة آل عمران الاية (١-٢) .
(٧) - سورة طه الاية (١١١) .
(٨) - شرح اسماء الله الحسنى ص١٥٧.
(٩) - جامع البيان ج٥ ص٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>