للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحياة]

الحياة انفاس معدوة, وساعات محدودة, يقضيها الانسان في نمو لازم, وتطور دائم, بين طفولة وصبا, وشباب وكهولة, وشيب وشيخوخة, بين امال وآلام, وافراح واتراح, وشدة ورخاء, ومرض وصحة, وضعف وقوة بين رياض نظرة, وروائح عطرة, وحدائق ذات بهجة, واشجار مثمرة, وانهار هادرة, وبحار متلاطمة, وجبال شاهقة, وسهول واسعة, وثمار طيبة, وهبها الله للانسان, وتفضل بها الكريم المنان, وسخر له الانعام, واحل له النبات والحيوان, ورزقه من السماء والارض, وانزل عليه الامطار وانبت له الثمار, وسخر له الارض في جميع الاقطار, ففيها حياته, واليها يعود بعد مماته, من رحلة يطويها الليل والنهار, وقد كان ترابا مواتا لايعرف عن الحياة شيئا, ولايدرك شيئا من تلك الاثار, وفي الذكر الحكيم: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (١) فسبحان من احيا الارض بعد موتها, وبدء خلق الانسان من طين ثم جعل نسله من ماء مهين, وصوره في احسن تقويم, وجعل الماء مادة الحياة في كل حين, ودحى الارض وزينها للناظرين: {وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ


(١) - سورة البقرة الاية (٢٨-٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>